للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذويه، فما حال الحول ومنهم عين تطرف، ثم وافق سائر الصحابة عمر.

قال (١): ولا يصحّ أن يقال: إنه استطاب نفوسهم ووقفها برضاهم، فإنهم قد نازعوه فيها، وهو يأبى عليهم.

ثم قال (١): ووافق عمر جمهور الأئمة وإن اختلفوا في كيفية إبقائها بلا قسمة. فظاهر مذهب أحمد (٢) وأكثر نصوصه: على أن الإِمام مخير فيها تخيير مصلحة لا تخيير شهوة، فإن كان الأصلح للمسلمين قسمتها قسمها، وإن كان الأصلح أن يقفها على جماعتهم وقفها، وإن كان الأصلح قسمة البعض ووقف البعض فعله، فإن رسول الله فعل الأقسام الثلاثة؛ فإنه قسم أرض قريظة والنضير وترك قسمة مكة، وقسم بعض خيبر وترك بعضها لما ينوبه من مصالح المسلمين.

وفي رواية لأحمد (٢): إن الأرض تصير وقفًا بنفس الظهور والاستيلاء من غير وقف من الإمام، وله رواية ثالثة أن الإمام يقسمها بين الغانمين كما يقسم بينهم المنقول إلا أن يتركوا حقهم منها، قال: وهو مذهب الشافعي (٣) بناء من الشافعي على أن آية الأنفال وآية الحشر متواردتان. وأن الجميع يسمى فيئًا وغنيمة، ولكنه يرد عليه: أن ظاهر سوق آية الحشر أن الفيء غير الغنيمة وأن له مصرفًا عامًا، ولذلك قال عمر: إنها عمَّت الناس بقوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ (٤)، ولا يتأتى حصة لمن جاء من بعدهم إلا إذا بقيت الأرض محبسة للمسلمين، إذ لو استحقها المباشرون للقتال وقسمت بينهم توارثها ورثة أولئك، [فكانت] (٥) القرية والبلد تصير إلى امرأة واحدة أو صبيّ صغير.

وذهبت الحنفية (٦) إلى أن الإمام مخير بين القسمة بين الغانمين وأن يقرّها لأربابها على خراج أو ينتزعها منهم ويقرّها مع آخرين.


(١) أي: ابن القيم في المرجع المتقدم.
(٢) المغني (٤/ ١٨٩).
(٣) البيان للعمراني (١٢/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٤) سورة الحشر، الآية: (١).
(٥) في المخطوط (ب): (فكان).
(٦) الاختيار (٤/ ٣٩١ - ٣٩٢) والبناية في شرح الهداية (٦/ ٦٤٣ - ٦٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>