للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قول النووي (١): احتجّ الشافعي بالأحاديث المشهورة: بأن النبيّ صالحهم بمرّ الظهران قبل دخول مكة ففيه نظر؛ لأن الذي أشار إليه إن كان مراده ما وقع من قوله : "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" كما تقدم (٢)، وكذا من دخل المسجد كما عند ابن إسحاق (٣) فإن ذلك لا يسمى صلحًا إلا إذا التزم من أشير إليه بذلك الكفّ عن القتال، والذي ورد في الأحاديث الصحيحة ظاهر في أن قريشًا لم يلتزموا ذلك لأنهم استعدوا للحرب كما تقدم في حديث أبي هريرة (٢) أن قريشًا وبَّشت أوباشًا، فإن كان مراده بالصلح وقوع عقده فهذا لم ينقل كما قال الحافظ (٤)، قال: ولا أظنه عنى إلا الاحتمال الأوّل، أعني قوله: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" (٢).

وتمسك أيضًا من قال: إنه أمَّنهم بما وقع عند ابن إسحاق (٥) في سياق قصة الفتح، فقال العباس: لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة يخبرهم بما كان من رسول الله ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة، ثم قال في القصة بعد قصة أبي سفيان: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، فتفرَّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد" (٦).

وعند موسى بن عقبة في المغازي (٧) وهي أصحّ ما صنف في ذلك كما قال الحافظ (٨).

وروي ذلك عن الجماعة ما نصه: إن أبا سفيان وحكيم بن حزام قالا: يا رسول الله! كنت حقيقًا أن تجعل عدّتك وكيدك لهوازن فإنهم أبعد رحمًا وأشدُّ عداوةً.

فقال: "إني لأرجو أن يجمعهما الله لي، فتح مكة وإعزاز الإِسلام بها،


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٢/ ١٣٠).
(٢) تقدم برقم (٣٤٤٤) من كتابنا هذا.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٦٥).
(٤) الفتح (٨/ ١٢).
(٥) السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٦٥).
(٦) تقدم برقم (٣٤٤٤) من كتابنا هذا.
(٧) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٨/ ١٢).
(٨) في "الفتح" (٨/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>