للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهزيمة هوازن وغنيمة أموالهم". فقال أبو سفيان وحكيم بن حزام: فادع الناس بالأمان، أرأيت إن اعتزلت قريش وكفت أيديها آمنون هم؟ قال: من كفّ يده وأغلق داره فهو آمن، قالوا: فابعثنا نؤذن بذلك فيهم، قال: فانطلقوا؛ "فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل دار حكيم فهو آمن "ودار أبي سفيان بأعلى مكة، ودار حكيم بأسفلها؛ فلما توجها قال العباس: يا رسول الله إني لا آمن أبا سفيان أن يرتدَّ فردّه حتى تريه جنود الله قال: "أفعل" فذكر القصة.

وفي ذلك تصريح بعموم التأمين، فكان هذا أمانًا منه لك من لم يقاتل من أهل مكة.

ثم قال الشافعي (١): كانت مكة مؤمنة ولم يكن فتحها عنوة؛ والأمان كالصلح. وأما الذين تعرّضوا للقتال والذين استئنوا من الأمان وأمر أن يقتلوا ولو تعلقوا بأستار الكعبة فلا يستلزم ذلك أنها فتحت عنوة.

ويمكن الجمع بين حديث أبي هريرة (٢) في أمره بالقتال، وبين حديث عروة (٣) المتقدم المصرّح بتأمينه لهم، وكذلك حديث سعد (٤)، وحديث أُبي بن كعب (٥) المذكوران بأن يكون التأمين علق على شرط وهو ترك قريش المجاهرة بالقتال، فلما تفرّقوا إلى دورهم ورضوا بالتأمين المذكور لم يستلزم أن أوباشهم الذين لم يقبلوا ذلك وقاتلوا خالد بن الوليد ومن معه حتى قاتلهم وهزمهم أن تكون البلد فتحت عنوة؛ لأن العبرة بالأصول لا بالأتباع، وبالأكثر لا بالأقلّ، كذا قال الحافظ في الفتح (٦).

ويجاب عنه بما تقدم في أول الباب من حديث أبي هريرة (٢): "أن قريشًا وبَّشت [أوباشًا لها] (٧) وقالوا: نقدم هؤلاء … إلخ" فإنه يدلّ على أن غير الأوباش لم يرضوا بالتأمين، بل وقع التصريح في ذلك الحديث بأنهم قالوا: "فإن كان للأوباش شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا".


(١) البيان للعمراني (١٢/ ١٨٤).
(٢) تقدم برقم (٣٤٤٤) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٣٤٤٦) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (٣٤٤٧) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (٣٤٤٨) من كتابنا هذا.
(٦) الفتح (٨/ ١٣).
(٧) في المخطوط (ب): (أوباشها).

<<  <  ج: ص:  >  >>