للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما احتجّ به الشافعي ما وقع في سنن أبي داود (١) بإسناد حسن عن جابر: "أنه سئل: هل غنمتم يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا".

ويجاب بأن عدم الغنيمة لا يستلزم عدم العنوة لجواز أن يكون النبيّ منّ عليهم بالأموال كما منّ عليهم بالأنفس حيث قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" (٢).

ومن أوضح الأدلة على أنها فتحت عنوة قوله : "وإنما أحلت لي ساعة من نهار" (٣)، فإن هذا تصريح بأنها أحلت له في ذلك يسفك بها الدماء، وأن حرمتها ذهبت فيه وعادت بعده، ولو كانت مفتوحة صلحًا لما كان لذلك معنى يعتدّ به.

وقد وقع في مسند أحمد (٤) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن تلك الساعة استمرت من صبيحة يوم الفتح إلى العصر.

وجنحت طائفة منهم الماوردي (٥) إلى أن بعضها فتح عنوة لما وقع من قصة خالد بن الوليد المذكورة، وقررّ ذلك الحاكم في "الإِكليل" (٦) وفيه جمع بين الأدلة.

قال الحافظ في الفتح (٧): والحقّ أن صورة فتحها كان عنوة، ومعاملة أهلها معاملة من دخلت بأمان، ومنع قوم منهم السهيلي ترتب عدم قسمتها وجواز بيع دورها وإجارتها على أنها فتحت صلحًا.

وذكر المصنف لحديث عائشة (٨)، وحديث علقمة بن نضلة (٩) في أحاديث الباب يشعر بأنه من القائلين بالترتب، ولا وجه لذلك لأن الإِمام مخير بين قسمة الأرض المغنومة بين الغانمين، وبين إبقائها وقفًا على المسلمين، ويلزم من ذلك منع بيع دورها وإجارتها.


(١) في سننه رقم (٣٠٢٣) وهو حديث صحيح.
(٢) السيرة لابن هشام (٤/ ٧٨) وهو حديث ضعيف.
(٣) تقدم برقم (٣٤٤٨) من كتابنا هذا.
(٤) في المسند (٢/ ١٧٩) بسند حسن.
(٥) الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٨/ ١٣).
(٧) (٨/ ١٣).
(٨) تقدم برقم (٣٤٤٩) من كتابنا هذا.
(٩) تقدم برقم (٣٤٥٠) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>