للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرجع عن دينه، وفيهم نزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ (١) الآية، وهذه الهجرة باقية الحكم في حقّ من أسلم في دار الكفر وقدر على الخروج منها.

وقال الماوردي (٢): إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإِقامة فيها أفضل من الرحلة عنها لما يترجى من دخول غيره في الإِسلام، ولا يخفى ما في هذا الرأي من المصادمة لأحاديث الباب القاضية بتحريم الإِقامة في دار الكفر.

وقال الخطابي (٣) أيضًا: إن الهجرة افترضت لما هاجر النبيّ إلى المدينة إلى حضرته للقتال معه وتعلم شرائع الدين. وقد أكد الله ذلك في عدة آيات، تحى قطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر فقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ (٤)، فلما فتحت مكة ودخل الناس في الإِسلام من جميع القبائل انقطعت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب.

وقال البغوي في شرح السنة (٥): يحتمل الجمع بطريق أخرى، فقوله: "لا هجرة بعد الفتح"، أي: من مكة إلى المدينة.

وقوله: " [لا] (٦) تنقطع" أي: من دار الكفر في حقّ من أسلم "إلى دار الإِسلام.

قال (٧): ويحتمل وجهًا آخر، وهو أن قوله: "لا هجرة" أي إلى النبيّ حيث كان بنية عدم الرجوع إلى الوطن المهاجر منه إلا بإذن.

فقوله: "لا تنقطع" أي هجرة من هاجر على غير هذا الوصف من الأعراب ونحوهم.

وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإِسماعيلي بلفظ: "انقطعت


(١) سورة النساء، الآية" (٩٧).
(٢) "الحاوي الكبير" (١٤/ ١٠٤).
(٣) في "معالم السنن" (٣/ ٨ - مع السنن).
(٤) سورة الأنفال، الآية: (٧٢).
(٥) في شرح السنة (١٠/ ٣٧٣).
(٦) في المخطوط (أ): (ولا).
(٧) أي البغوي في المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>