للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُسْلِمُونَ: سُبْحانَ الله كَيْف يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ مَنْ جاءَ مُسْلِمًا؟ [فَبَيْنا] (١) هُمْ كَذَلِكَ إذْ جاءَ أبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يا مُحَمَّدُ أوَّلُ ما أُقاضِيكَ عَلَيْهِ أنْ تَرُدَّهُ إليّ، فَقالَ النَّبِيُّ : "إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتابَ بَعْدُ" قالَ: فَوَالله إذَنْ لا أُصَالِحُكَ على شَيْءٍ أبَدًا، فقالَ النَّبِيُّ : "فأجِرْهُ لي"، فَقالَ: ما أنا بِمُجِيرِه لَكَ، فَقالَ: "بَلى فافْعَلْ"، قالَ: ما أنا بِفاعِلٍ، قال مِكْرَزٌ: بَلَى قَدْ أجَرْناهُ لَكَ، قالَ أبُو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألا تَرَوْنَ ما قَدْ لَقِيتُ؟ وكانَ قَدْ عُذّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الله قالَ: فَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فأَتَيْتُ رَسُولَ الله فَقُلْتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ الله حَقًّا؟ قالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: ألَسْنا على الحَقّ وَعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنا إذَنْ؟ قالَ: "إني رَسُولُ الله وَلَسْتُ أعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي". قُلْتُ: أوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدّثُنا أنَّا سَنأتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قالَ: "بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّكَ تأتِيهِ العامَ؟ "، قُلْتُ: لا، قالَ: "فإنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّف بِهِ"، قالَ: فأتَيْتُ أبا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يا أبا بَكْرٍ ألَيْسَ هَذَا نَبِيُّ الله حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلْتُ: ألَسْنا على الحَقّ وَعَدُوُّنا على الباطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنا إذَنْ؟ قالَ: أيُّهَا الرَّجُلُ إنَّهُ رَسُولُ الله وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ ناصِرُهُ فاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَالله إنَّهُ على الحَقِّ، قُلْتُ: ألَيْسَ كانَ يُحَدّثُنا أنَّا سَنأتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قالَ: بَلَى، أفأخْبَرَكَ أنَّكَ تأتِيهِ العامَ؟ قُلْتُ: لا، قالَ: فإنَّكَ إذَنْ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ.

قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أعْمالًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتابِ قالَ لأصحَابِهِ: "قُومُوا فانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا"، فَوَالله ما قامَ مِنْهُمْ أحَدٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أحَدٌ دَخَلَ على أُمّ سَلَمَةَ، فذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ الله أتحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ وَلا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنْهُمْ


(١) في المخطوط (ب): فبينما.

<<  <  ج: ص:  >  >>