للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَلِمَةً حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حالِقًا فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا مِنْهُمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعا حالِقَهُ فَحَلَقَهُ؛ فَلَمَّا رأوْا ذلكَ قامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غمًّا، ثُمَّ جاءَ نِسْوَةٌ مُؤمِناتٌ، فأنْزَلَ الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ (١) - حتَّى بَلَغَ ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ (٢) فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئِذٍ امْرأتَيْنِ كانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا مُعاوَيةُ بْنُ أبي سُفْيانَ، والأخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ إلى المَدِينَةِ، فَجاءَهُ أبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجا بِهِ حتَّى بَلَغا ذَا الحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يأكُلُونَ تَمْرًا لَهُمْ، فَقالَ أبُو بَصِيرٍ لِأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَالله إني لأرَى سَيْفَكَ هَذَا يا فُلانُ جَيِّدًا، فاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ وَالله إنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبُو بَصِيرٍ: أرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَربَهُ بِهِ حتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المَدِينَةَ فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسُولُ الله حينَ رَآهُ: "لَقَدْ رأى هَذَا ذُعْرًا"، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبِيّ قالَ: قُتِلَ وَالله صَاحبي وإني لَمَقْتُولٌ، فَجاءَ أبُو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ الله قَدْ أَوْفَى الله ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إليْهِمْ ثُمَّ أنجانِي الله مِنْهُمْ، فَقالَ النَّبِي : "وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لَوْ كانَ لَهُ أحَدُ"، فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّهُ سَيرُدُّهُ إلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حتَّى أتى سِيفَ البَحْرِ، قالَ: وَتَفَلَّتَ مِنْهُمْ أبو جَنْدَلِ بْنُ سهيلٍ فَلَحِقَ بأبي بَصِيرٍ، فَجَعَل لا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أسْلَمَ إلَّا لَحقَ بأبي بَصِيرٍ حتَّى اجتْمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَالله مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبِيّ تُناشِدُهُ الله وَالرَّحِمَ لَمَا أرْسَلَ إلَيْهِمْ، فَمَنْ أتاهُ مِنْهُمْ فَهُوَ آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبِيُّ


(١) في المخطوط (أ): ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ … ﴾.
وفي المخطوط (ب): "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءك".
وهما غير المطلوب، والصواب ما أثبتناه.
(٢) سورة الممتحنة، الآية: (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>