للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العاصي فتركه لما أسلم، وكان محبوسًا بمكة ممنوعًا من الهجرة، وعذّب بسبب الإِسلام، وكان سهيل أوثقه وسجنه حين أسلم، فخرج من السجن وتنكب الطريق، وركب الجبال، حتى هبط على المسلمين، ففرح به المسلمون وتلقَّوه.

قوله: (يَرْسُف) (١) بفتح أوله، وبضم المهملة، بعدها فاء: أي يمشي مشيًا بطيئًا بسبب القيد.

قوله: (أنا لم نقض الكتاب) أي: لم نفرغ من كتابته.

قوله: (فأجزه لي) بالزاي بصيغة فعل الأمر من الإِجازة؛ أي: امض فعلي فيه، فلا أردّه إليك، وأستثنيه من القضية.

ووقع عند الحميدي في الجمع (٢) بالراء، ورجح ابن الجوزي (٣) الزاي.

وفيه أن الاعتبار في العقود بالقول، ولو تأخرت الكتابة والإشهاد، ولأجل ذلك أمضى النبيّ لسهيل الأمر في ردّ ابنه إليه، وكان للنبيّ تلطف معه بقوله: "لم نقض الكتاب بعد" رجاء أن يجيبه.

قوله: (قال مكرز: بلى قد أجزناه) هذه رواية الكشميهني (٤)، ورواية الأكثر من رواة البخاري بل بالإِضراب.

وقد استشكل ما وقع من مكرز من الإِجازة؛ لأنه خلاف ما وصفه به من الفجور.

وأجيب: بأن الفجور حقيقة ولا يستلزم أن لا يقع منه شيء من البرّ نادرًا، أو قال ذلك نفاقًا وفي باطنه خلافه، ولم يذكر في هذا الحديث ما أجاب به سهيل على مكرز لما قال ذلك.

وقد زعم بعض الشرّاح (٥): أن سهيلًا لم يجبه؛ لأن مكرزًا لم يكن ممن جعل له أمر عقد الصلح بخلاف سهيل.


(١) النهاية (١/ ٦٥٥) والمجموع المغيث (١/ ٧٦٠).
(٢) في "الجمع بين الصحيحين" له (٣/ ٣٧٧ رقم الحديث ٢٨٦٠).
(٣) في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" له (٤/ ٥٧).
(٤) حكاه الحافظ في الفتح (٥/ ٣٤٥) عنه.
(٥) حكاه الحافظ في (الفتح) (٥/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>