للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فأتيت أبا بكر … إلخ) لم يذكر عمر: أنه راجع أحدًا في ذلك غير أبي بكر لما له عنده من الجلالة، وفي جواب أبي بكر عليه بمثل ما أجاب به النبيّ دليل: على سعة علمه، وجودة عرفانه بأحوال رسول الله .

قوله: (فاستمسك بغرزه) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدها زاي.

قال المصنف: هو للإِبل بمنزلة الركاب للفرس، والمراد: التمسك بأمره وترك المخالفة له، كالذي يمسك بركاب الفارس، فلا يفارقه.

قوله: (قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا) القائل هو الزهري كما في البخاري (١)، وهو منقطع؛ لأن الزهري لم يدرك عمر.

قال بعض الشرّاح (٢): المراد بقوله: "أعمالًا" أي: من الذهاب، والمجيء والسؤال، والجواب. ولم يكن ذلك شكًا من عمر، بل طلبًا لكشف ما خفي عليه، وحثًا على إذلال الكفار بما عرف من قوّته في نصرة الدين.

قال في الفتح (٣): وتفسير الأعمال بما ذكر مردود، بل المراد به الأعمال الصالحة لتكفر عنه ما مضى من عدم التوقف في الامتثال ابتداءً، وقد ورد عن عمر التصريح بمراده؛ ففي رواية ابن إسحاق (٤): "وكان عمر يقول: ما زلت أتصدّق، وأصوم، وأصلي، وأعتق من الذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الذي تكلمت به".

وعند الواقدي (٥) من حديث ابن عباس قال عمر: "لقد أعتقت بسبب ذلك رقابًا وصمت دهرًا".

قال السهيلي (٦): هذا الشكّ الذي حصل لعمر هو ما لا يستمرّ صاحبه عليه، وإنما هو من باب الوسوسة.

قال الحافظ (٧): والذي يظهر: أنه توقف منه ليقف على الحكمة، وتنكشف


(١) في صحيحه رقم (٢٧٣١) و (٢٧٣٢).
(٢) حكاه عنهم الحافظ في "الفتح" (٥/ ٣٤٦).
(٣) (٥/ ٣٤٦).
(٤) السيرة النبوية لابن هشام (٣/ ٤٤٠).
(٥) حكاه الحافظ في "الفتح" (٥/ ٣٤٦).
(٦) في "الروض الأنف" له (٤/ ٣٧).
(٧) في "الفتح" (٥/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>