للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه الشبهة. ونظيره: قصته في الصلاة على عبد الله بن أبّي، وإن كان في الأولى لم يطابق اجتهاده الحكم بخلاف الثانية، وهي هذه القصة، وإنما عمل الأعمال المذكورة لهذه، وإلا فجميع ما صدر [عنه] (١) كان معذورًا فيه، بل هو فيه مأجور لأنه مجتهد فيه.

قوله: (فلما فرغ من قضية الكتاب) زاد ابن إسحاق (٢) في روايته: "فلما فرغ من قضية الكتاب أشهد جماعة على الصلح رجالًا من المسلمين ورجالًا من المشركين منهم: أبو بكر وعلي وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص ومحمود بن مسلمة، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، ومكرز بن حفص وهو مشرك".

قوله: (فوالله ما قام منهم أحد) قيل: كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب، أو لرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكور، أو أن يخصصه بالإِذن بدخولهم مكة ذلك العام لإِتمام نسكهم، وسوّغ لهم ذلك؛ لأنه كان زمان وقوع النسخ.

ويحتمل أن يكون أهمَّتْهُم صورة الحال، فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذلّ عند أنفسهم مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم، وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الامتثال لاعتقادهم: أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور.

قال الحافظ (٣): ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم.

قوله: (فذكر لها ما لقي من الناس) فيه دليل على فضل المشورة، وأن الفعل إذا انضمَّ إلى القول كان أبلغ من القول المجرّد، وليس فيه: أن الفعل مطلقًا أبلغ من القول؛ نعم فيه أن الاقتداء بالأفعال أكثر منه بالأقوال، وهذا معلوم مشاهد.

وفيه دليل: على فضل أمّ سلمة، ووفور عقلها حتى قال إمام الحرمين: لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أمّ سلمة.


(١) في المخطوط (أ): منه.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام (٣/ ٤٤٢).
(٣) في "الفتح" (٥/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>