للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجَّا بجميع رواته، وقد أيِّدت دعوى النسخ بتأخر إسلام بسرة وتقدم إسلام طلق، ولكن هذا غير دليل على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول، وأَيد حديث بسرة أيضًا بأن حديث طلق موافق لما كان الأمر عليه من قبل، وحديث بسرة ناقل عنه فيصار إليه وبأنه أرجح لكثرة طرقه وصحتها، وكثرة من صححه من الأئمة ولكثرة شواهده، ولأن بسرة حدثت به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، وأيضًا قد روي عن طلق بن عليّ نفسه أنه روى: "من مس فرجه فليتوضأ"، أخرجه الطبراني (١) وصحَّحه، قال: يشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي قبل هذا، ثم سمع هذا بعد: فوافق حديث بسرة، وأيضًا حديث طَلْق بن علي من رواية قيس ابنه.

قال الشافعي: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه (٢).

وقال أبو حاتم وأبو زرعة (٣): قيس بن طلق ممن لا تقوم به حجة اهـ.

فالظاهر ما ذهب إليه الأولون، وقد روي عن مالك (٤) القول بندب الوضوء، ويرده ما سيأتي من التصريح بالوجوب في حديث أبي هريرة (٥)، وفي حديث عائشة: "ويل للذين يمسُّون فروجهم ولا يتوضأون"، أخرجه الدارقطني (٦)، وهو


(١) في "المعجم الكبير" رقم (٢٨٥٢) وقد تقدم.
(٢) بل قيس بن طَلْق بن علي الحنفي اليمامي: صدوق، من الثالثة، وهم من عَدَّه من الصحابة. "التقريب" رقم (٥٥٨٠).
(٣) في "العلل" (١/ ٤٨ رقم ١١١).
(٤) "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (١/ ١٠٤) بتحقيقي. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٧/ ٢٠٥): "النظر - عندي - في هذا الباب: أن الوضوء لا يجب إلَّا على من مسَّ ذكره أو فرجه قاصدًا مفضيًا، وأما غير ذلك - منه أو من غيره - فلا يوجب في الظاهر، والأصل أن الوضوء المجمع عليه لا ينقض إلَّا بإجماع أو سنةٍ ثابتةٍ غير محتملة التأويل، فلا عيب على القائل بقول الكوفيين، لأنَّ إيجابه عن الصحابة لهم فيه ما تقدم ذكره، وبالله التوفيق.
(٥) برقم (١٧/ ٢٥٤) من كتابنا هذا.
(٦) في "سننه" (١/ ١٤٧ - ١٤٨ رقم ٩)، وقال الدارقطني: عبد الرحمن العمري: ضعيف.
قلت: وهو حديث موضوع، لأن عبد الرحمن بن عبد الله كذاب.
[انظر: المجروحين (٢/ ٥٣) ولسان الميزان (٧/ ٢٨١) والجرح والتعديل (٥/ ٢٥٣)].

<<  <  ج: ص:  >  >>