للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسم الكلّ على البعض فهو معارض بالقلب، وهو أن يقال المراد بالحجاز جزيرة العرب، إما لانحجازها بالأبحار كانحجازها بالحرار الخمس (١)، وإما مجازًا من إطلاق اسم الجزء على الكلّ، فترجيع أحد المجازين مفتقر إلى دليل، ولا دليل إلا ما ادّعاه من فهم أحد المجازين.

(ومنها): أن في خبر جزيرة العرب زيادة لم تغير حكم الخبر، والزيادة كذلك مقبولة.

(ومنها): أن استنباط كون علة التقرير في غير الحجاز هي المصلحة فرع ثبوت الحكم، أعني: التقرير لما علم من أن المستنبطة إنما تؤخذ من حكم الأصل بعد ثبوته، والدليل لم يدل إلا على نفي التقرير، لا ثبوته؛ لما تقدم (٢) في حديث: "المسلم والكافر لا تتراءى ناراهما". وحديث: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" (٣) ونحوهما.

فهذا الاستنباط واقع في مقابلة النص المصرح فيه بأن العلة كراهة اجتماع دينين. فلو فرضنا أنه لم يقع النص إلا على إخراجهم من الحجاز لكان المتعين إلحاق بقية جزيرة العرب به لهذه العلة، فكيف والنص الصحيح مصرح بالإخراج من جزيرة العرب؟.

وأيضًا هذا الحديث الذي فيه الأمر بالإخراج من الحجاز فيه الأمر بإخراج أهل نجران كما وقع في حديث الباب، وليس نجران من الحجاز، فلو كان لفظ الحجاز مخصصًا للفظ جزيرة العرب على انفراده أو دالًا على أن المراد بجزيرة العرب الحجاز فقط لكان في ذلك إهمال لبعض الحديث دماعمال لبعض وإنه باطل.

وأيضًا غاية ما في حديث أبي عبيدة (٤) الذي صرّح فيه بلفظ: "الحجاز" أن مفهومه معارض لمنطوق ما في حديث ابن عباس (٥) المصرّح فيه بلفظ: "جزيرة العرب"، والمفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق فكيف يرجح عليه؟


(١) سيأتي ذكرها ص ٤١٧.
(٢) تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (٣٤٨٥) من كتابنا هذا ص ٤٠٤.
(٣) تقدم برقم (٣٤٩٠) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم آنفًا.
(٥) تقدم برقم (٣٤٨٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>