للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب أهل المدينة (١) ومن وافقهم من علماء الظاهر وجماعة من الصوفية إلى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع.

وقد حكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأسًا ويصوغ الألحان لجواريه ويسمعها


(١) قال الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص ٩٩): "فأقول: ليس منهم الإمام مالك يقينًا، بل أنكره عليهم هو وغيره من علماء المدينة، فروى أبو بكر الخلال في "الأمر بالمعروف" ص ٣٢ بالسند الصحيح عن إسحاق بن عيسى الطباع - ثقة من رجال مسلم - قال: سألت مالك بن أنس عمّا يترخّص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال: "إنما يفعله عندنا الفساق".
ثم روى الخلال بسنده الصحيح أيضًا عن إبراهيم بن المنذر - مدني ثقة من شيوخ البخاري - وسئل فقيل له: أنتم ترخصون في الغناء؟ فقال: "معاذ الله! ما يفعل هذا عندنا إلا الفسّاق".
وأما الأقوال التي نقلها الشوكاني مما سبقت الإشارة إليه ووعدنا بالكلام عليها، فالجواب من وجهين:
(الأول): أنَّه لو صحت نسبتها إلى قائليها (وفيهم الكوفي والمدني وغيرهم)، فلا حجة فيها، لمخالفتها لما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة الدلالة.
(والثاني): أنه صحَّ عن بعضهم خلاف ذلك، فالأخذ بها أولى، بل هو الواجب، فَلْأَذكر ما تيسر لي الوقوف عليه منها:
• (الأول): شريح القاضي، قال أبو حصين: أنَّ رجلًا كسر طنبور رجل، فخاصمه إلى شريح، فلم يضمّنه شيئًا. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ ٣١٢ رقم ٣٢٧٥) وإسناده صحيح. والبيهقي (٦/ ١٠١) والخلال (ص ٢٦) وقال عقبه: "قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: هو منكَر، لم يقض فيه بشيء". وأبو عبد الله هو الإمام أحمد، وروى عنه نحوه أبو داود في "مسائله" (ص ٢٧٩).
• (الثاني): سعيد بن المسيب، قال: "إني لأُبغض الغناء وأُحبّ الرجز". أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١١/ ٦ رقم ١٩٧٤٣) بسند صحيح.
• (الثالث): الشعبي (عامر بن شراحيل)، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد أنه كره أجر المغنية، وقال: "ما أُحبّ أن آكله". أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ ٩ رقم ٢٢٠٣) بسند صحيح.
• (الرابع): مالك بن أنس، وقدمنا عنه بالسند الصحيح أنه قال في الغناء: "إنما يفعله عندنا الفساق".
ومع ذلك نقل الشوكاني عن القفال أنّ مذهب مالكٍ إباحة الغناء بالمعازف!! ".

<<  <  ج: ص:  >  >>