للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاب بأن الوعيد على الاعتقاد يشعر بتحريم الملابسة بفحوى الخطاب (١).

وأما دعوى التجوّز فالأصل الحقيقة ولا ملجئ إلى الخروج عنها.

(وثانيها): أن المعازف مختلف في مدلولها كما سلف، وإذا كان اللفظ محتملًا لأن يكون للآلة ولغير الآلة لم ينتهض للاستدلال، لأنه إما أن يكون مشتركًا والراجح التوقف فيه، أو حقيقة ومجازًا ولا يتعين المعنى الحقيقي.

ويجاب بأنه يدلّ على تحريم استعمال ما صدق عليه الاسم، والظاهر الحقيقة في الكلّ من المعاني المنصوص عليها من أهل اللغة وليس من قبيل المشترك لأن اللفظ لم يوضع لكل واحد على حدة بل وضع للجميع، على أن الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه مع عدم التضادّ كما تقرّر في الأصول (٢).

(وثالثها): أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر كما ثبت في رواية بلفظ: "ليشربن أناس من أمتى الخمر تروح عليهم القيان وتغدو عليهم المعازف" (٣).

ويجاب بأن الاقتران لا يدلّ على أن المحرّم هو الجمع فقط، وإلا لزم أنا الزنا المصرّح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله.

وأيضًا يلزم في مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ (٤) أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحضّ على طعام المسكين.


(١) تقدم الكلام عليها، وللمزيد انظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ٩٩ - ١٠٠) و"شرح الكوكب المنير" (١/ ١٣٩) والبحر المحيط (٢/ ١٢٤).
(٢) تقدم أكثر من مرة التعريف به.
(٣) أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (٦٧٥٨) والطبراني في الكبير رقم (٣٤١٩) وابن ماجه رقم (٤٠٢٠) والبيهقي (١٠/ ٢٢١) والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ٣٠٥). وهو حديث صحيح.
(٤) سورة الحاقة، الآية: (٣٣ - ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>