للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ونصّ الآية يبطل احتجاجهم لقوله تعالى: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ وهذه صفة من فعلها كان كافرًا، ولو أن شخصًا اشترى مصحفًا ليضلّ به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمّ الله تعالى، وما ذمّ من اشترى لهو الحديث ليروّح به نفسه لا ليضلّ به عن سبيل الله، انتهى.

قال [الفاكهاني] (١): لم أعلم في كتاب الله ولا في السنة حديثًا صحيحًا صريحًا في تحريم الملاهي، وإنما هي ظواهر وعمومات يتأنس بها لا أدلة قطعية.

واستدلّ ابن رشد بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ (٢)، وأيّ دليل في ذلك على تحريم الملاهي والغناء، وللمفسرين فيها أربعة أقوال:

(الأول): أنها نزلت في قوم من اليهود أسلموا، فكان اليهود يلقونهم بالسبّ والشتم فيعرضون عنهم.

(والثاني): أن اليهود أسلموا فكانوا إذا سمعوا ما غيَّره اليهود من التوراة وبدَّلوا من نعت النبيّ وصفته أعرضوا عنه وذكروا الحقّ.

(والثالث): أنهم المسلمون إذا سمعوا الباطل لم يلتفتوا إليه.

(والرابع): أنهم ناس من أهل الكتاب لم يكونوا يهودًا ولا نصارى وكانوا على دين الله، كانوا ينتظرون بعث محمد ، فلما سمعوا به بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا، وكان الكفار من قريش يقولون لهم: أفّ لكم اتبعتم غلامًا كرهه قومه وهم أعلم به منكم.

وهذا الأخير قاله ابن العربي في أحكامه (٣)، وليت شعري كيف يقوم الدليل من هذه الآية، انتهى.


(١) كذا في المخطوط (أ) و (ب) ولعله (الفاكهي).
(٢) سورة القصص، الآية: (٥٥).
(٣) (٣/ ١٤٨٢).
قال ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١١/ ج ٢٠/ ٩٠ - ٩١): يقول تعالى ذكره: وإذا سمع هؤلاء القوم الذين آتيناهم الكتاب: اللغو، وهو الباطل من القول … كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ … ﴾ =

<<  <  ج: ص:  >  >>