للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينكرون وجوبه فلا يمتنع أن يكون الشيء الفلاني تتعلق به الحرمة إن سئل عنه، فقد سبق القضاء بذلك إلا أن السؤال علة للتحريم.

وقال ابن التين (١): قيل: الجرم اللاحق به إلحاق المسلمين المضرّة لسؤاله، وهي منعهم التصرّف فيما كان حلالاً قبل مسألته.

وقال القاضي عياض (٢): المراد بالجرم هنا: الحدث على المسلمين، لا الذي هو بمعنى الإثم المعاقب عليه، لأن السؤال كان مباحا، ولهذا قال: "سلوني".

وتعقبه النووي (٣) فقال: هذا الجواب ضعيف أو باطل. والصواب الذي قاله الخطابي (٤) والتيمي (٥) وغيرهما أن المراد بالجرم: الإثم، والذنب حملوه على من سأل تكلفاً وتعنتاً فيما لا حاجة له به إليه، وسبب تخصيصه ثبوت الأمر بالسؤال عما يحتاج إليه بقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ (٦)، فمن سأل عن نازلة وقعت له لضرورته إليها فهو معذور فلا إثم عليه ولا عتب، فكل من الأمر بالسؤال والزجر عنه مخصوص بجهة غير الأخرى.

قال: ويؤخذ منه أن من عمل شيئاً أضرّ به غيره كان آثماً.

وأورد الكرماني (٧) على الحديث سؤالاً فقال: السؤال ليس بجريمة، ولئن كان فليس بكبيرة، ولئن كان فليس بأكبر الكبائر.

وأجاب أن السؤال عن الشيء بحيث يصير سبباً لتحريم شيء مباح هو أعظم الجرم؛ لأنَّه صار سبباً لتضييق الأمر على جميع المكلفين، فالقتل مثلاً كبيرة ولكن مضرّته راجعة إلى المقتول وحده، أو إلى من هو منه بسبيل بخلاف صورة المسألة فضررها عامّ للجميع. انتهى.


= "ومنهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة" (١/ ٤٦٣ - ٤٦٦).
(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٢٦٨).
(٢) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٧/ ٣٢٩).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١٥/ ١١١).
(٤) في معالم السنن (٥/ ١٦ - مع السنن).
(٥) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٢٦٨).
(٦) سورة النحل، الآية: (٤٣).
(٧) في شرحه لصحيح البخاري (٢٥/ ٣٨ - ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>