للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن الاختلاف يجرّ إلى عدم الانقياد، وهذا كله من حيث تقسيم المشتغلين بالعلم.

وأما العمل بما ورد في الكتاب والسنة والتشاغل به، فقد وقع الكلام في أيهما أولى: يعني هل العلم أو العمل والإنصاف أن يقال: كل ما زاد على ما هو في حقّ المكلف فرض عين.

فالناس فيه على قسمين: من وجد من نفسه قوّة على الفهم والتحرير، فتشاغله بذلك أولى من إعراضه عنه، وتشاغله بالعبادة لما فيه من النفع المتعدي، ومن وجد من نفسه قصوراً، فإقباله على العبادة أولى به لعسر اجتماع الأمرين، فإنَّ الأوّل لو ترك العلم لأوشك على أن يضيع بعض الأحكام بإعراضه.

والثاني لو أقبل على العلم وترك العبادة فاته الأمران، لعدم حصول الأوّل له، وإعراضه عن الثاني. انتهى.

قوله: (إنَّ أعظم المسلمين … إلخ) هذا لفظ مسلم (١)، ولفظ البخاري (٢): "إن أعظم الناس جرماً".

قال الطيبي (٣): فيه من المبالغة: أنه جعله عظيماً، ثم فسره بقوله: "جرمًا"؛ ليدلّ على أنه نفسه جرم، قال: وقوله: "في المسلمين"، أي: في حقهم.

قوله: (فحُرّم) بضم الحاء المهملة وتشديد الراء.

قال ابن بطال (٤) عن المهلب: ظاهر الحديث يتمسك به القدرية في أن الله يفعل شيئاً من أجل شيء وليس كذلك، بل هو على كل شيء قدير، فهو فاعل السبب والمسبب، ولكن الحديث محمول على التحذير مما ذكر، فعظم جرم من فعل ذلك لكثرة الكارهين لفعله.

وقال غيره (٥): أهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل (٦) وإنما


(١) في صحيحه رقم (١٣٢/ ٢٣٥٨).
(٢) في صحيحه رقم (٧٢٨٩).
(٣) في شرح المشكاة (١/ ٣٤٦) رقم (١٥٣/ ١٤).
(٤) في شرحه لصحيح البخاري (١٠/ ٣٤٣).
(٥) الفتح (١٣/ ٢٦٨).
(٦) انظر: "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية (١/ ١٤١ - ١٤٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>