للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر بالاجتناب على إطلاقه حتى يوجد ما يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة وشرب الخمر عند الإكراه.

والأصل في ذلك جواز التلفظ بكلمة الكفر إذا كان القلب مطمئنًا بالإيمان كما نطق به القرآن.

قال الحافظ (١): والتحقيق أن المكلف في كل ذلك ليس منهيًا في تلك الحال.

وقال الماوردي (٢): إن الكفّ عن المعاصي ترك وهو سهل، وعمل الطاعة فعل وهو شاق، فلذلك لم يبح ارتكاب المعصية ولو مع العذر لأنَّه ترك، والترك لا يعجز المعذور عنه، وادعى بعضهم أن قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٣) يتناول امتثال المأمور واجتناب المنهي، وقد قيد بالاستطاعة فاستويا، وحينئذ تكون الحكمة في تقييد الحديث بالاستطاعة في جانب الأمر دون النهي أن العجز يكثر تصوره في الأمر بخلاف النهي، فإن تصوّر العجز فيه محصور في الاضطرار وهو قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ (٤) وهو مضطر، ولا يرد الإكراه لأنَّه مندرج في الاضطرار.

وزعم بعضهم أن قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٥) نسخ بقوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (٦).

قال الحافظ (٧): والصحيح أنه لا نسخ بل المراد بحقِّ تقاته: امتثال أمره واجتناب نهيه مع القدرة لا مع العجز.

قوله: (الفَراء) بفتح الفاء مهموز: حمار الوحش كذا في مختصر النهاية (٨)،


(١) في "الفتح" (١٣/ ٢٦٢).
(٢) حكاه عنه الحافظ في المرجع السابق.
(٣) سورة التغابن، الآية: (١٦).
(٤) سورة الأنعام، الآية: (١١٩).
(٥) سورة التغابن، الآية: (١٦).
(٦) سورة آل عمران، الآية: (١٠٢).
(٧) في "الفتح" (١٣/ ٢٦٢ - ٢٦٣).
(٨) النهاية (٢/ ٣٥١).
والفائق للزمخشري (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>