للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الرواية الثانية عنه المذكورة في الباب: "أن النبيّ أطعمهم لحوم الخيل".

وفي الأخرى: "أنهم سافروا مع النبيّ "، فليس في ذلك تصريح بأنه كان في خيبر، فيمكن أن يكون في غيرها، ولو فرضنا ثبوت حديث خالد وسلامته عن العلل لم ينتهض لمعارضة حديث جابر (١) وأسماء (٢) المتفق عليهما مع أنه قد ضعف حديث خالد أحمد (٣)، والبخاري، وموسى بن هارون، والدارقطني (٤)، والخطابي (٥)، وابن عبد البرّ (٦)، وعبد الحقّ (٧)، وآخرون.

ومن جملة ما استدلّ به القائلون بالتحريم قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ (٨)، وقد تمسك بها [أكثر القائلين] (٩) بالتحريم، وقرّروا ذلك: بأن اللام للتعليل، فدلَّ على أنها لم تخلق لغير ذلك؛ لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر، فإباحة أكلها تقتضي خلاف الظاهر من الآية، وقرّروه أيضاً بأن العطف يشعر بالاشتراك في الحكم، وبأن الآية سيقت مساق الامتنان، فلو كان ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم.

وأجيب إجمالاً: بأن الآية مكية اتفاقاً، والإذن كان بعد الهجرة، وأيضاً: ليست نصاً في منع الأكل، والحديث صريح في الحلِّ.

وأجيب أيضاً تفصيلًا: بأنا لو سلمنا أنَّ اللام للعلة، لم نسلم إفادته الحصر في الركوب، والزينة، فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقاً، ونظير ذلك حديث البقرة المذكور في الصحيحين (١٠) حين خاطبت راكبها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث، فإنه مع كونه أصرح في الحصر لكونه بإنما مع اللام لا يستدلّ به على تحريم أكلها، وإنما المراد الأغلب من المنافع، وهو الركوب في الخيل والتزين بها والحرث في البقر.


(١) تقدم برقم (٣٥٧١) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٣٥٧٢) من كتابنا هذا.
(٣) في "المغني" (١٣/ ٣٢٥).
(٤) في السنن (٤/ ٢٩٠ رقم ٦١).
(٥) في معالم السنن (٤/ ١٥٠ - مع السنن).
(٦) في "التمهيد" (١١/ ١١٠ - الفاروق).
(٧) في الأحكام الوسطى (٤/ ١١٧ - الرشد).
(٨) سورة النحل، الآية: (٨).
(٩) في المخطوط (ب): (أكثر القائلون).
(١٠) البخاري في صحيحه رقم (٣٤٧١) ومسلم رقم (١١٣/ ٢٣٨٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>