للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عبد البر (١): في هذه الأحاديث إباحة اتخاذ الكلب للصيد، والماشية، وكذلك للزرع؛ لأنها زيادة حافظ، وكراهة اتخاذها لغير ذلك، إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر اتخاذها لجلب المنافع، ودفع المضارّ قياساً، فتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة؛ لما فيه من ترويع الناس، وامتناع دخول الملائكة إلى البيت الذي [الكلاب فيه] (٢).

والمراد بقوله: "نقص من عمله" أي: من أجر عمله، وقد استدلّ بهذا على جواز اتخاذها لغير ما ذكر وأنَّه ليس بمحرّم، لأنَّ ما كان اتخاذه محرّماً امتنع اتخاذه على كل حال، سواء نقص الأجر أم لا، فدلّ ذلك على أن اتخاذها مكروه لا حرام.

قال ابن عبد البر (٣) أيضاً: ووجه الحديث عندي: أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعاً لا يكاد يقوم بها المكلف، ولا يتحفظ منها، فربما دخل عليه باتخاذها ما ينقص أجره من ذلك.

وروي: أنّ المنصور [بالله] (٤) سأل عمرو بن عبيد عن سبب هذا الحديث فلم يعرفه، فقال المنصور: لأنَّه ينبح الضيف ويروّع السائل. اهـ.

قال في الفتح (٥): وما ادّعاه من عدم التحريم واستدلّ له بما ذكره ليس بلازم، بل يحتمل أن تكون العقوبة تقع بعدم التوفيق للعمل بمقدار قيراط مما كان يعمله من الخير لو لم يتخذ كلباً، ويحتمل أن يكون الاتخاذ حراماً.

والمراد بالنقص: [أن] (٦) الإثم الحاصل باتخاذه يوازن قدر قيراط، أو قيراطين من أجر فينتقص من ثواب عمل المتخذ قدر ما يترتب عليه من الإثم باتخاذه، وهو قيراط أو قيراطان.

وقيل: سبب النقصان امتناع الملائكة من دخول بيته، أو ما يلحق المارّين من الأذى، أو لأن بعضها شياطين، أو: عقوبة لمخالفة النهي، أو: لولوغها


(١) التمهيد (١٦/ ١٦٥ - الفاروق).
(٢) في المخطوط (ب): (فيه الكلاب).
(٣) التمهيد (١٦/ ١٦٦ - الفاروق).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٥) (٥/ ٦ - ٧).
(٦) في المخطوط (أ): (إذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>