للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جعل الشارع أكله منه علامةً على أنه أمسك لنفسه، لا لصاحبه، فلا يعدل عن ذلك.

وقد وقع في رواية لابن أبي شيبة (١): "إن شرب من دمه فلا تأكل فإنه لم يعلم ما علمته".

وفي هذا إشارة إلى أنه إذا شرع في أكله؛ دلَّ على أنه ليس بمعلَّمٍ التَّعلِيمَ المشترط، وسلك بعض المالكية الترجيح، فقال: هذه القطعة ذكرها الشعبي ولم يذكرها همام، وعارضها حديث الأعرابي المعروف بأبي ثعلبة.

قال الحافظ (٢): وهذا ترجيح مردود لما تقدم، وتمسك بعضهم بأنَّ الإجماع على جواز أكله إذا أخذه الكلب بفيه وهمَّ بأكله، فأدركه قبل أن يأكل منه، يدلّ: على أنه يحلّ ما أكل منه؛ لأن تناوله بفيه وشروعه في أكله مثل الأكل في أنَّ كلَّ واحد منهما يدلّ: على أنه إنما أمسكه على نفسه.

قوله: (فإنَّ أخْذَ الكلب ذكاةٌ) فيه دليل: على أن إمساك الكلب للصيد بمنزلة التذكية إذا لم يدركه الصائد إلا بعد الموت، لا إذا أدركه قبل الموت، فالتذكية واجبة؛ لقوله في الحديث: "فإن أدركته حياً فاذبحه".

قوله: (فكُلْ ما أمسك عليك) استدلَّ به: على أنه لو أرسل كلبه على صيد فاصطاد غيره، حلّ للعموم الذي في قوله: "ما أمسك عليك"، وهذا قول الجمهور (٣).

وقال مالك (٤): لا يحلّ، وهو رواية البويطي عن الشافعي (٥).


(١) في "المصنف" (٥/ ٣٦٥).
(٢) في "الفتح" (٩/ ٦٠٢).
(٣) المغني (١٣/ ٢٧٣).
(٤) التهذيب في اختصار المدونة (٢/ ١٣). وعيون المجالس (٢/ ٩٧٠) والمنتقى للباجي (٣/ ١٢٤).
(٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ٦٠٣). وانظر: "المهذب" (٢/ ٨٩٥) والمجموع (٩/ ١٣٨). والبيان للعمراني (٤/ ٥٥٤) ومختصر اختلاف العلماء (٣/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>