للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن ذكاة الجنين: بأنها ذكاة أمه، فيحلُّ بها كما تحلّ الأمّ بها، ولا يحتاج إلى تذكية، وإليه ذهب الثوري (١)، والشافعي (٢)، والحسن بن (٣) زياد، وصاحبا أبي حنيفة. وإليه ذهب أيضًا مالك (٤) واشترط أن يكون قد أشعر؛ لما في بعض روايات الحديث عن ابن عمر بلفظ: "إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه"، وقد تفرّد به أحمد بن عصام (٥) كما تقدم.

والصحيح أنه موقوف فلا حجة فيه.

وأيضًا قد روي (٦) من طريق ابن أبي ليلى مرفوعًا: "ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر"، وفيه ضعف كما تقدمت الإشارة إليه.

وأيضًا قد روي من طريق ابن عمر نفسه مرفوعًا وموقوفًا كما رواه البيهقي (٧) أنه قال: "أشعر أو لم يشعر".

وذهبت العترة (٨)، وأبو حنيفة (٩) إلى تحريم الجنين إذا خرج ميتًا، وأنها لا تغني تذكية الأم عن تذكيته محتجين بعموم قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ (١٠) وهو من ترجيح العامّ على الخاصّ.

وقد تقرّر في الأصول (١١) بطلانه، ولكنهم اعتذروا عن الحديث بما لا يغني شيئًا، فقالوا: المراد: ذكاة الجنين كذكاة أمه.

وردّ بأنه لو كان المعنى على ذلك لكان منصوبًا بنزع الخافض، والرواية


(١) موسوعة فقه الإمام سفيان الثوري ص ٤٠٧.
(٢) البيان للعمراني (٤/ ٥٥٦) وروضة الطالبين (٣/ ٢٧٩).
(٣) كما في "المغني" (١٣/ ٣٠٩).
(٤) عيون المجالس (٢/ ٩٨٦) رقم (٦٩٢) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٢/ ٢٢٣).
(٥) تقدم في الصفحة (١١١) الحاشية رقم (١).
(٦) تقدم في الصفحة (١١٠) الحاشية رقم (٢).
(٧) في السنن الكبرى (٩/ ٣٣٥).
(٨) البحر الزخار (٤/ ٣٠١).
(٩) الاختيار (٥/ ٤٨٦) وبدائع الصنائع (٥/ ٤٢ - ٤٣).
(١٠) سورة المائدة، الآية: (٣).
(١١) "إرشاد الفحول" ص ٨٩٩ - ٩٠١ بتحقيقي، والبحر المحيط (٦/ ١٦٦) وشرح الكوكب المنير (٤/ ٦٧٤ - ٦٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>