للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي (١): وهذا إذا لم يكن عذر، فإن كان عذر يمنع الأكل أو الشرب باليمين من مرض، أو جراحةٍ، أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال.

قوله: (فإن الشيطان يأكل … إلخ) إشارة إلى أنه ينبغي اجتناب الأفعال التي تشبه أفعال الشيطان، وقد تقدم الخلاف: هل ذلك على الحقيقة أم على المجاز؟.

قوله: (البركةُ تنزل في وسط الطعام) لفظ أبي داود (٢): "إذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن لياكل من أسفلها، فإن البركة تنزل من أعلاها".

وفيه مشروعية الأكل من جوانب الطعام قبل وسطه.

قال الرافعي (٣) وغيره: يكره أن يأكل من أعلى الثريد ووسط القصعة، وأن يأكل مما يلي أكيله ولا بأس بذلك في الفواكه.

وتعقبه الإِسنوي (٤) بأنَّ الشافعي نصّ على التحريم؛ فإن لفظه في "الأم" (٥): فإن أكل مما يليه أو من رأس الطعام أثم بالفعل الذي فعله إذا كان عالمًا، واستدلّ بالنهي عن النبيّ وأشار إلى هذا الحديث.

قال الغزالي (٦): وكذا لا يأكل من وسط الرغيف بل من استدارته إلا إذا قلّ الخبز فليكسر الخبز.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٣/ ١٩١).
(٢) في سننه رقم (٣٧٧٢) وهو حديث صحيح.
(٣) في "الشرح الكبير" (٨/ ٣٥٣).
(٤) انظر: "الفتح" (٩/ ٥٢٢).
(٥) قال الشافعي في (الأم - الرسالة (١/ ١٦٢)): "ولم يكن أمره أن يأكل من بين يديه، ولا يأكل من رأس الطعام. إذا كان مباحًا له أن يأكل مما بين يديه، وجميع الطعام إلا أدبًا في الأكل من بين يديه؛ لأنَّه أجملُ به عندَ مواكِلِه، وأبعدُ له، من قُبْح الطعمة والنَّهم. وأمره ألا يأكل من رأس الطعام؛ لأنَّ البركة تنزل فيه، على النَّظر له في أن يُبارك له بركةً دائمةً تدومُ بدوام نزولها له، وهو يبيح له إذا أكل ما حولَ رأسِ الطعام أن يأكل رأسَه". اهـ.
(٦) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>