للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن العربي (١) في شرح الترمذي: يدلّ على الأكل بالكفّ كلها "أنه كان يتعرق العظم وينهش اللحم"، ولا يمكن ذلك عادة إلا بالكفّ كلها.

قيل: وفيه نظر؛ لأنَّه يمكن بالثلاث سلمنا، لكن هو ممسك بكفِّه كلِّها لا آكلُ بها سلمنا، لكن محلّ الضرورة لا يدلُّ على عموم الأحوال.

ويؤخذ من حديث كعب بن مالك: أن السنَّة الأكل بثلاث أصابع، وإن كان الأكل بأكثر منها جائزًا.

وقد أخرج سعيد بن منصور (٢) عن سفيان عن عبيد الله بن يزيد أنه رأى ابن عباس إذا أكل لعق أصابعه الثلاث.

قال عياض (٣): والأكل بأكثر منها من الشره وسوء الأدب، وتكبير اللقم ولأنه غير مضطرّ إلى ذلك؛ لجمعه اللقمة وإمساكها من جهاتها الثلاث، فإن اضطرّ إلى ذلك لخفة الطعام، وعدم تلفيفه بالثلاث فيدعمه بالرابعة أو الخامسة.

قوله: (حتى يَلعقها أو يُلعقها) الأوّل بفتح حرف المضارعة، والثاني بضمها: أي يلعقها زوجته أو جاريته أو خادمه أو ولده، وكذا من كان في معناهم كتلميذ يعتقد البركة بلعقها. وكذا لو ألعقها شاة ونحوها.

وقال البيهقي (٤): إن قوله: "أو يلعقها" شكّ من الراوي، ثم قال: فإن كانا جميعًا محفوظين فإنما أراد أن يلعقها صغيرًا أو من يعلم أنه لا يتقذّر بها، ويحتمل أن يكون أراد أن يلعق أصبعه فمه فيكون بمعنى يلعقها فتكون "أو" للشك.

قال ابن دقيق العيد (٥): جاءت علة هذا مبينة في بعض الروايات أنه لا يدري في أيّ طعامه البركة، وقد يعلل أن مسحها قبل ذلك فيه زيادة تلويث


(١) في "عارضة الأحوذي شرح الترمذي" (٧/ ٣٠٧).
(٢) كما في "الفتح" (٩/ ٥٧٨).
(٣) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٥٠١).
(٤) في "شعب الإيمان (٨/ ٤١ - الرشد).
(٥) في "إحكام الأحكام" (ص ٩٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>