للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الجنة بأن ينساها أو لا يشتهيها يقول: ليس عليه في ذلك حسرة ولا يكون ترك شهوته إياها عقوبة في حقه بل هو نقص، نعم بالنسبة إلى من هو أتمّ نعيمًا منه كما تختلف درجاتهم ولا يلحق من هو أنقص درجة بمن هو أعلى درجة منه استغناء بما أعطي واغتباطًا به.

وقال ابن العربي (١): ظاهر الحديثين: أنه لا يشرب الخمر في الجنة، ولا يلبس الحرير فيها، وذلك: لأنَّه استعجل ما أمر بتأخيره، ووعد به، فحرمه عند ميقاته، وفصَّل بعض المتأخرين بين من شربها مستحلًّا، فهو الذي لا يشربها أصلًا؛ لأنَّه لا يدخل الجنة أصلًا.

وعدم الدخول يستلزم حرمانها، ومن شربها عالمًا بتحريمها، فهو محلُّ الخلاف، وهو الذي يُحْرَمُ شربها مدّةً ولو في حال تعذيبه إنْ عذّب؛ أو المعنى: أن ذاك جزاؤه إن جوزي.

وفي الحديث: "إن التوبة تكفّر المعاصي والكبائر"، وذلك في التوبة من الكفر القطعي؛ وفي غيره من الذنوب خلاف بين أهل السنة، هل هو قطعي أو ظني؟

قال النووي (٢): الأقوى أنه ظني.

وقال القرطبي (٣): من استقرأ الشريعة علم أن الله يقبل توبة الصادقين قطعًا، وللتوبة الصادقة شروط مدوّنة في مواطن ذلك.

وظاهر الوعيد أنه يتناول من شرب الخمر وإن لم يحصل له السكر؛ لأنَّه رتب الوعيد في الحديث على مجرّد الشرب من غير تقييد.

قال في الفتح (٤): وهو مجمع عليه في الخمر المتخذ من عصير العنب، وكذا فيما يسكر من غيرها، وأما ما لا يسكر من غيرها فالأمر فيه كذلك عند الجمهور.


(١) في عارضة الأحوذي (٨/ ٥١).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (١٣/ ١٧٣).
(٣) في "المفهم" (٥/ ٢٦٩) ونصه: "إن من استقرأ الشريعة قرآنًا وسنةً، وتتبع ما فيهما من هذا المعنى علم علم القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين".
(٤) (١٠/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>