للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن عباس (١)، وبه قال مالك (٢)، وأحمد (٣)، وإسحاق (٤)، كذا أطلق، قال: والأوّل أصحّ؛ والمعنى في النهي: أن العهد بإباحة الخمر كان قريبًا، فلما اشتهر التحريم أبيح لهم الانتباذ في كلِّ وعاء بشرط ترك شرب المسكر، وكأنَّ من ذهب إلى استمرار النهي لم يبلغه الناسخ.

وقال الحازمي (٥): لمن نصر قول مالك أن يقول: ورد النهي عن الظروف كلِّها ثم نسخ منها ظروف الأدم، والجرار غير المزفتة، واستمرّ ما عداها على المنع.

ثم تعقب ذلك بما ورد من التصريح في حديث بريدة (٦) عند مسلم كما في حديث الباب.

قال: وطريق الجمع أن يقال: لمَّا وقع النهي عامًّا شَكَوْا إليه الحاجة، فرخص لهم في ظروف الأدم، ثم شكوا إليه أن كلهم لا يجد ذلك، فرخص لهم في الظروف كلها.

وقال ابن بطال (٧): النهي عن الأوعية إنما كان قطعًا للذريعة، فلما قالوا: لا نجد بدًا من الانتباذ في الأوعية قال: "انتبذ وكلُّ مسكرٍ حرام"، وهكذا الحكم في كل شيءٍ نهي عنه بمعنى النظر إلى غيره، فإنه يسقط للضرورة كالنهي عن الجلوس في الطرقات، فلما قالوا: لا بد لنا منها قال: "وأعطوا الطريق حقها" (٨).


(١) أخرج النَّسَائِي في سننه رقم (٥٦٢٠): عن سعيد بن جبير قال: كنت عند ابن عمر فسئل عن نبيذ الجر، فقال: حرمه رسول الله وشق عليَّ لما سمعتُه فأتيت ابن عباس، فقلت: إن ابن عمر سُئل عن شيء فجعلتُ أُعَظِّمه قال: ما هو؟ قلت: سئل عن نبيذ الجرِّ، فقال: صدق. حرمه رسول الله . قلت: وما الجَرُّ. قال: كُلُّ شيء صُنع من مَدَر.
وهو حديث صحيح.
(٢) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧) والتمهيد (١٤/ ١٣١).
(٣) المغني (١٢/ ٥١٤ - ٥١٥).
(٤) حكاه عنه ابن المنذر في "الإشراف" (٢/ ٣٧٣).
(٥) في الاعتبار (ص ٥٢١).
(٦) تقدم برقم (٣٧٢٣) من كتابنا هذا.
(٧) في شرحه لصحيح البخاري (٦/ ٥٦).
(٨) أخرجه البخاري رقم (٢٤٦٥) ومسلم رقم (١٤٤/ ٢١٢١) وأحمد (٣/ ٣٦).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>