للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف في الخليطين من الأشربة غير النبيذ، فحكى ابن التين عن بعض الفقهاء (١): أنه كره أن يخلط للمريض الأشربة.

قال ابن العربي (٢): لنا أربع صور: أن يكون الخليطان منصوصين فهو حرام، أو منصوصٌ ومسكوتٌ عنه، فإنْ كان كل منهما لو انفرد أسكر، فهو حرام قياسًا على المنصوص، أو مسكوتٌ عنهما، وكل منهما لو انفرد لم يسكر جاز … إلى آخر كلامه.

وقال الخطابيُّ (٣): ذهب إلى تحريم الخليطين وإن لم يكن الشراب منهما مسكرًا جماعة عملًا بظاهر الحديث وهو قول مالك (٤)، وأحمد (٥)، وإسحاق، وظاهر مذهب الشافعي، وقالوا: من شرب الخليطين أثم من جهة واحدة، فإن كان بعد الشدَّة؛ أثم من جهتين، وخصّ الليث (٦) النهي بما إذا انتبذا معا.

وخص ابن حزم (٧) النهي بخمسة أشياء: التمر، والرطب، والزهو، والبسر، والزبيب.

قال (٨): سواء خلط أحدهما في الآخر منها، أو في غيرها، فأما لو خلط واحد من غيرها في واحد من غيرها؛ فلا منع، كالتين، والعسل مثلا.

وحديث أنس (٩) المذكور في الباب يردّ عليه.

وقال القرطبي (١٠): النهي عن الخليطين ظاهر في التحريم وهو قول جمهور فقهاء الأمصار، وعن مالك (١١) يكره فقط، وشذّ من قال: لا بأس به؛ لأن كلًّا منهما يحلُّ منفردا، فلا يكره مجتمعا. قال: وهذه مخالفة للنص بقياس مع وجود الفارق، فهو فاسدٌ، ثم هو منتقض بجواز كلِّ واحدة من الأختين منفردة، وتحريمهما مجتمعتين.


(١) حكاه الحافظ عنهم في "الفتح" (١٠/ ٦٨).
(٢) في عارضة الأحوذي (٨/ ٦٨).
(٣) في "معالم السنن" (٤/ ١٠٠).
(٤) مدونة الفقه المالكي (٢/ ٢٥٦).
(٥) المغني (١٢/ ٥١٥).
(٦) حكاه عنه الطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٣٧٠).
(٧) في "المحلى" (٧/ ٥٠٨).
(٨) أي ابن حزم في المرجع السابق.
(٩) تقدم برقم (٣٧٣٣) من كتابنا هذا.
(١٠) في المفهم (٥/ ٢٥٨ - ٢٥٩).
(١١) التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٥٠١ - ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>