للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الأحاديث إشكال، ولا فيها ضعف، بل الصواب: أن النهي فيها محمول على التنزيه، وشربه قائمًا لبيان الجواز.

وأما من زعم نسخًا، أو غيره فقط غلط، فإن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع لو ثبت التاريخ، وفعله لبيان الجواز لا يكون في حقه مكروهًا أصلًا، فإنه كان يفعل الشيء للبيان مرَّةً أو مرَّاتٍ ويواظب على الأفضل.

والأمر بالاستقاء محمول على الاستحباب، فيستحبّ لمن يشرب قائمًا أن يستقيء لهذا الحديث الصحيح، فإن الأمر إذا تعذّر حمله على الوجوب يحمل على الاستحباب.

وأما قول عياض (١): لا خلاف بين أهل العلم أن من شرب قائمًا ليس عليه أن يتقيأ، وأشار به إلى تضعيف الحدث فلا يلتفت إلى إشارته، وكون أهل العلم لم يوجبوا الاستقاء لا يمنع من الاستحباب، فمن ادعى منع الاستحباب بالإجماع فهو مجازف، وكيف تترك السنة الصحيحة بالتوهمات والدعاوى والترّهات (٢).

قال الحافظ (٣): ليس في كلام عياض التعرّض للاستحباب أصلًا، بل ونقل الاتفاق المذكور إنما هو في كلام المازري (٤)، كما مضى.

وأما تضعيف عياض للأحاديث فلم يتشاغل النووي بالجواب عنه.

قال: فأما إشارته إلى تضعيف حديث أنس بكون قتادة مدلسًا، فيجاب عنه بأنه صرَّح في نفس هذا الحديث بما يقتضي السماع، فإنه قال: قلنا لأنس: "فالأكل … " إلخ، وأما تضعيف حديث أبي سعيد بأنَّ أبا عباس غير مشهور. فهو قول سبق إليه ابن المديني؛ لأنَّه لم يرو عنه إلا قتادة، لكن وثقه الطبري، وابن حبان، ودعواه اضطرابه مردودة، فقد تابعه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، كما رواه أحمد (٥)، وابن حبان (٦).


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٤٩١).
(٢) انتهى كلام النووي الملخص (١٣/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٣) في "الفتح" (١٠/ ٨٣).
(٤) في "المعلم" (٣/ ٦٨).
(٥) في المسند (٢/ ٢٨٣) وقد تقدم.
(٦) في صحيحه رقم (٥٣٢٤) وقد تقدم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>