للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال المازري (١): اختلف الناس في هذا، فذهب الجمهور (٢) إلى الجواز وكرهه قوم، فقال بعض شيوخنا: لعلَّ النهي منصرفٌ إلى من أتى أصحابه بماءٍ، فبادر بشربه قائمًا قبلهم، استبدادًا به، وخروجًا عن كون ساقي القوم آخرهم شربًا.

قال: وأيضًا فإنَّ الحديث تضمن المنع من الأكل قائمًا، ولا خلاف في جواز الأكل قائمًا.

قال: والذي يظهر لي: أن أحاديث شربه قائمًا تدلّ على الجواز، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب والحثّ على ما هو أولى وأكمل.

قال: ويحمل الأمر بالقيء على أن الشرب قائمًا يحرّك خلطًا يكون القيء دواءه.

ويؤيده قول النخعي: إنما نهي عن ذلك لداء البطن.

وقد تكلم عياض (٣) على أحاديث النهي وقال: إن مسلمًا أخرج حديث أبي سعيد، وحديث أنس، من طريق قتادة.

وكان شعبة يتقي من حديث قتادة ما لا يصرّح فيه بالتحديث.

قال: واضطراب قتادة فيه مما يعله مع مخالفة الأحاديث الأخرى والأئمة له.

وأما حديث أبي هريرة ففي سنده عمر بن حمزة، ولا يتحمل منه مثل هذه المخالفة غيره له، والصحيح أنه موقوف. انتهى ملخصًا (٤).

قال النووي (٥) ما ملخصه: هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء حتى قال فيها أقوالًا باطلةً، وزاد: حتى تجاسر ورام أن يضعف بعضها، ولا وجه لإشاعة الغلطات، بل يذكر الصواب، ويشار إلى التحذير عن الغلط، وليس


(١) في "المعلم" (٣/ ٦٨).
(٢) الفتح (١٠/ ٨٤) وإكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٤٩٠).
(٣) في "إكمال المعلم" (٦/ ٤٩١).
(٤) الفتح (١٠/ ٨٢ - ٨٣).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (١٩٥/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>