للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): ويؤيده: أن أحاديث الجواز كلها فيها: أن القربة كانت معلقةً، والشرب من القربة المعلقة أخصُّ من الشرب من مطلق القربة، ولا دلالة في أخبار الجواز على الرخصة مطلقًا بل على تلك الصورة وحدها، وحملها على حالة الضرورة - جمعًا بين الخبرين - أولى من حملها على النسخ، والله أعلم.

قال (٢): وقد سبق ابن العربي إلى ما أشار إليه العراقى، فقال: ويحتمل أن يكون شربه في حال ضرورة، إمّا عند الحرب، وإمّا عند عدم الإناء، أو مع وجوده.

لكن لا يمكن تفريغ السقاء في الإناء.

ثم قال (٣): ويحتمل أن يكون شرب من إداوة، والنهي محمول على ما إذا كانت القربة كبيرة لأنها مظنة وجود الهوامّ.

قال الحافظ (٤): والقربة الصغيرة لا يمتنع وجود شيءٍ من الهوامّ فيها والضرر يحصل به ولو كان حقيرًا. اهـ.

وقد عرفت: أن كبشةَ (٥)، وأمّ سليم (٦) صرَّحتا بأنَّ ذلك كان في البيت، وهو مظنة وجود الآنية. وعلى فرض عدمها فأخذ القربة من مكانها وإنزالها والصبّ منها إلى الكفين أو أحدهما ممكن، فدعوى أن تلك الحالة ضرورية لم يدل عليه دليل، ولا شك: أن الشرب من القربة المعلقة أخصّ من الشرب مطلقًا، ولكن لا فرق في تجويز العذر وعدمه بين المعلقة وغيرها، وليست المعلقة مما يصاحبها العذر دون غيرها حتى يستدلّ بالشرب منها على اختصاصه بحال الضرورة، وعلى كل حال فالدليل أخصّ من الدعوى، فالأولى الجمع بين الأحاديث بحمل الكراهة على التنزيه ويكون شربه بيانًا للجواز.

٧٥/ ٣٧٥٨ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن رَسُولَ الله شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقالَ: "إنَّ لَهُ دَسَمًا". رَوَاهُ أحْمَد (٧) وَالبُخارِيُّ) (٨). [صحيح]


(١) في "الفتح" (١٠/ ٩٢).
(٢) أي ابن حجر كما في المرجع السابق.
(٣) أي العراقي كما في المرجع السابق (١٠/ ٩٢).
(٤) في "الفتح" (١٠/ ٩٢).
(٥) تقدم برقم (٣٧٥٦) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (٣٧٥٧) من كتابنا هذا.
(٧) في المسند (١/ ٢٢٣، ٢٢٧، ٣٢٩).
(٨) في صحيحه رقم (٥٦٠٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>