للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فقالت: إني أصرع) الصرع (١) - نعوذ بالله منه -: عِلَّةٌ تمنع الأعضاء الرئيسية عن استعمالها منعًا غير تامّ. وسببه: ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديءٌ يرتفع إليه من بعض الأعضاء.

وقد يتبعه تشنج في الأعضاء، ويقذف المصروع بالزبد لغلظ الرطوبة.

وقد يكون الصرع من الجنّ ويقع من النفوس الخبيثة منهم، إما لاستحسان بعض الصور الإِنسية، وإما لإِيقاع الأذية به.

(والأول): هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه.

(والثاني): يجحده كثيرٌ منهم، وبعضهم يثبته، ولا يعرف له علاج إلا بجذب الأرواح الخيرة العلوية لدفع آثار الأرواح الشريرة السفلية، وتبطيل أفعالها.

وممن نصّ على ذلك "بقراط" (٢)، فقال بعد ذكر علاج المصروع: إنما ينفع في الذي سببه أخلاط، وأما الذي يكون من الأرواح فلا.

قوله: (وإني أتكشف) بمثناة من فوق، وتشديد الشين المعجمة، من التكشف، وبالنون الساكنة المخففة من الانكشاف، والمراد: أنَّها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر.

وفيه أن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة (٣)، وأن الأخذ بالشدّة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يضعف عن التزام الشدّة.

وفيه دليل على جواز ترك التداوي، وأنَّ التداوي بالدعاء مع الالتجاء إلى الله أنجع، وأنفع من العلاج بالعقاقير.


= وهو حديث حسن.
(١) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ٦٠ - ٦٥) فيه بحث كامل عن الصرع وأنواعه.
(٢) هو بقراط بن إيراقليس من تلاميذ إسقلبيوس الثاني، قال يحيى النحوي: بقراط وحيد دهره. يضرب به المثل، الطبيب الفيلسوف وعاش (٩٥) سنة، منها صبيًا ومتعلمًا (١٦) سنة وعالمًا ومعلمًا (٧٩) سنة ومن كتبه: كتاب عهد بقراط بتفسير جالينوس وترجم إلى السيريانية ثم إلى العربية وغيرها … الفهرست لابن النديم ص ٤٠٢.
(٣) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ١٧٦ - ١٧٧) و (١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>