للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الخطابي (١) والقاضي عياض (٢): معنى الحديث: مدح الاقتصار في المأكل، ومنع النفس عن ملاذّ الأطعمة، تقديره: ائتدموا بالخلِّ، وما في معناه، مما تخفُّ مؤنته، ولا يعزّ وجوده، ولا تتأنقوا في الشهوات، فإنها مفسدة للدين مسقمة للبدن.

قال النووي (٣): والصواب الذي ينبغي أن يجزم به: أنه مدح للخلِّ نفسه.

وأما الاقتصار في [المطعم] (٤) وترك الشهوات [فمعلوم] (٥) من قواعد أخر.

وأما قول جابر فما زلت أحبُّ الخلَّ منذ سمعتها من نبيِّ الله فهو كقول أنس: "ما زلت أحبّ الدّباء" (٦)، قال: وهذا مما يؤيد ما قلنا في معنى الحديث: إنه مدح للخلّ نفسه.

وتأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر يتعين المصير إليه والعمل به عند جماهير العلماء من الفقهاء والأصوليين، وهذا كذلك، بل تأويل الراوي هنا هو ظاهر اللفظ فيتعين اعتماده.

قوله: (ائتدموا بالزيت) فيه الترغيب في الائتدام بالزيت معللًا ذلك بكونه من شجرة مباركة.

قوله: (سيِّد إدامكم الملح) قد تقدم أن الإِدام اسم لما يؤتدم به: أي يؤكل به الخبز مما يطيب، سواء كان مما يصطبغ به كالأمراق والمائعات، أو مما لا يصطبغ به، كالجامدات من الجبن، والبيض، والزيتون، وغير ذلك.

قال ابن رسلان: هذا معنى الإِدام عند الجمهور من السلف والخلف. انتهى.

ولعلَّ تسمية الملح بسيد الإِدام لكونه مما يحتاج إليه في كل طعام، ولا يمكن أن يساغ بدونه، فمع كونه لا يزال مخالطًا لكل طعام محتاجًا إليه، لا يغني


(١) في معالم السنن (٤/ ١٦٩ - مع السنن).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٥٣٨).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ٧).
(٤) في المخطوط (ب): (الطعم).
(٥) في المخطوط (ب): (فمعلومة).
(٦) أخرجه البخاري رقم (٥٤٢٠) ومسلم رقم (١٤٤/ ٢٠٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>