للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجوا أيضًا بأن الكفارة بعد الحنث فرض وإخراجها قبله تطوّع فلا يقوم التطوّع مقام المفروض.

وانفصل عنه من أجاز بأنه يشترط إرادة الحنث، وإلا فلا تجزئ كما في تقديم الزكاة (١).

وقال عياض (٢): اتفقوا على أن الكفارة لا تجب إلا بالحنث وأنه يجوز تأخيرها [إلى] (٣) بعد الحنث؛ واستحبّ الإمام مالك والشافعي (٤) والأوزاعي والثوري (٥) تأخيرها بعد الحنث.

قال عياض (٦): ومنع بعض المالكية تقديم كفارة حنث المعصية، لأن فيه إعانة على المعصية، وردّه الجمهور.

قال ابن المنذر (٧): واحتجّ للجمهور بأن اختلاف ألفاظ الأحاديث لا يدلّ على تعيين أحد الأمرين.

والذي يدلّ عليه أنه أمر الحالف بأمرين، فإذا أتى بهما جميعًا فقد فعل ما أمر به، وإذا دلّ الخبر على المنع فلم يبق إلا طريق النظر، فاحتجّ للجمهور بأن عقد اليمين لما كان يحله الاستثناء وهو كلام، فلأن تحله الكفارة وهي فعل مالي أو بدني أولى، ويرجح قولهم أيضًا بالكثرة.

وذكر عياض (٨) وجماعة أن عدّة من قال بجواز تقديم الكفارة أربعة عشر صحابيًا، وتبعهم فقهاء الأمصار إلا أبا حنيفة.

وقد عرفت مما سلف أن المتوجه العمل برواية الترتيب المدلول عليه بلفظ (ثم)، ولولا الإجماع المحكي سابقًا على جواز تأخير الكفارة عن الحنث لكان ظاهر الدليل أن تقديم الكفارة واجب كما سلف.


(١) نيل الأوطار (٨/ ١١٣ - ١١٩) من كتابنا هذا.
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٤٠٨).
(٣) زيادة من المخطوط (ب).
(٤) في الأم (٨/ ١٥٥).
(٥) موسوعة فقه سفيان الثوري ص ٨٣٤.
(٦) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٤٠٨).
(٧) الإشراف لابن المنذر (١/ ٤٥٥ - ٤٥٦).
(٨) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>