للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الخطابي في "الأعلام" (١): هذا باب من العلم غريب وهو أن ينهى عن فعل شيء حتى إذا فعل كان واجبًا.

وقد ذهب أكثر الشافعية (٢) ونقل عن نص الشافعي أن النذر مكروه، وكذا نقل عن المالكية (٣)، وجزم الحنابلة (٤) بالكراهة.

وقال النووي (٥): إنه مستحب، صرح بذلك في شرح المهذب.

وروي ذلك عن القاضي حسين (٦)، والمتولي (٧) والغزالي (٨).

وجزم القرطبي في المفهم (٩) بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال: هذا النهي محله أن يقول مثلًا: إن شفى الله مريضي فعليّ صدقة.

ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى بما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة.

ويوضحه: أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبًا.

وهذا المعنى هو المشار إليه بقوله: "وإنما يستخرج به من البخيل"، قال: وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظنّ أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن الله تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة في الحديث بقوله: "فإنه لا يرد شيئًا"، والحالة الأولى تقارب الكفر، والثانية خطأ صريح.

قال الحافظ (١٠): بل تقرب من الكفر، ثم نقل القرطبي (١١) عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة.


(١) في أعلام الحديث (٤/ ٣٢٧٧).
(٢) المجموع شرح المهذب (٨/ ٤٣٤).
(٣) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٢/ ٣٩٠).
(٤) المغني (١٣/ ٦٢١).
(٥) في "المجموع شرح المهذب" (٨/ ٤٣٤).
(٦) في شفاء الأوام (٣/ ١١١).
(٧) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١١/ ٥٧٨).
(٨) في كتابه "الوسيط" (٧/ ٢٥٩).
(٩) في "المفهم" (٤/ ٦٠٧).
(١٠) في "الفتح" (١١/ ٥٧٩).
(١١) في المفهم (٤/ ٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>