للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١): وهذا عندي بعيد من ظاهر الحديث.

ويحتمل عندي أن يكون وجه الحديث أن الناذر يأتي بالقربة مستثقلًا لها لما صارت عليه ضربة لازب، وكل ملزوم فإنه لا ينشط للفعل نشاط مطلق الاختيار.

ويحتمل أن يكون سببه: أن الناذر لما لم يبذل القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرّب.

قال (١): ويشير إلى هذا التأويل قوله: "إنه لا يأتي بخير" (٢)، وقوله: "إنه لا يقرِّب من ابن آدم شيئًا لم يكن الله قدّره له" (٣)، وهذا كالنصّ على هذا التعليل. انتهى.

والاحتمال الأول يعمّ أنواع النذر، والثاني يخصّ نوع المجازاة، وزاد القاضي عياض (٤) فقال: ويقال: إن الإخبار بذلك وقع على سبيل الإعلام من أنه لا يغالب القدر ولا يأتي الخير بسببه والنهي عن اعتقاد خلاف ذلك خشية أن يقع ذلك في ظنّ بعض الجهلة.

قال (٥): ومحصل مذهب الإمام مالك: أنه مباح إلا إذا كان مؤبدًا لتكرره عليه في أوقات، فقد يثقل عليه فعله فيفعله بالتكلف من غير طيبة نفس وخالص نية.

قوله: (إنَّه لا يردُّ شيئًا) يعني مما يكرهه الناذر، وأوقع النذر استدفاعًا له؛ وأعمُّ من هذه الرواية ما في البخاري (٦) وغيره (٧) بلفظ: "إنه لا يأتي بخير" فإنه قد ينظر استجلابًا لنفع أو استدعاء لضرر، والنذر لا يأتي بذلك المطلوب، وهو الخير الكائن في النفع أو الخير الكائن في اندفاع الضرر.


(١) أي المازري في المرجع المتقدم.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٤/ ١٦٣٩).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٧/ ١٦٤٠).
(٤) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٣٨٨).
(٥) أي القاضي عياض في المرجع المتقدم.
(٦) لم أقف عليه عند البخاري.
(٧) كمسلم في صحيحه رقم (٤/ ١٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>