للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث يدل على أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإِنسان عند القيام إلى الصلاة. قال النووي (١): وهذا بإجماع المسلمين، ولا شك في استحبابه قبل المعاودة لما رواه أحمد (٢) وأصحاب السنن (٣) من حديث أبي رافع: "أنه طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه، وقيل: يا رسول الله ألا تجعله غسلًا واحدًا فقال: هذا أزكى وأَطيب"، وقول أبي داود (٤): إن حديث أنس أصح منه لا ينفي صحته. وقد قال النووي (٥): هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين. وقد ذهبت الظاهرية (٦) وابن حبيب إلى وجوب الوضوء على المعاود وتمسكوا بحديث الباب.

وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب وجعلوا ما ثبت في رواية الحاكم (٧) بلفظ: "إنه أنشط للعود" صارفًا للأمر إلى الندب. ويؤيد ذلك ما رواه الطحاوي (٨) من حديث عائشة قالت: "كان النبي يجامع ثم يعود ولا يتوضأ" ويؤيده أيضًا الحديث المتقدم بلفظ: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" (٩).

(فائدة): طوافه على نسائه محمول على أَنه كان برضاهنّ أو برضا صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة، قال النووي (١٠): وهذا التأويل يحتاج إليه من


(١) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ٢١٧).
(٢) في "المسند" (٦/ ٨).
(٣) أبو داود رقم (٢١٩) وابن ماجه رقم (٥٩٠) والنسائي في "عشرة النساء" رقم (١٤٩) والبيهقي (١/ ٢٠٤) و (٧/ ١٩٢).
وهو حديث حسن.
(٤) في "سننه" (١/ ١٤٩).
(٥) في "المجموع" (٢/ ١٨٠). وانظر: "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢١٧ - ٢١٨).
(٦) انظر: "المحلى" (١/ ٨٨). وانظر: "فتح الباري" (١/ ٣٩٤).
(٧) قال السيوطي في "زهر الربى على المجتبى" (١/ ١٤٣ - ١٤٤): "وفي رواية ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي زيادة: فإنه أنشط للعود، أي إلى الجماع، وهو تصريح بالحكمة فيه" اهـ.
(٨) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٢٧).
(٩) وهو حديث صحيح. وقد تقدم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (١٨/ ٢٨١) من كتابنا هذا.
(١٠) في "شرحه لصحيح مسلم" (٣/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>