للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه دليل: على أن كُلَّ شيءٍ يتأذّى به الإنسان مما لم يرد بمشروعيته كتاب ولا سنة، كالمشي حافيًا، والجلوس في الشمس، ليس من طاعة الله [تعالى] (١)، فلا ينعقد النذر به، فإنه أمر أبا إسرائيل في هذا الحديث بإتمام الصوم دون غيره، وهو محمول على أنه علم أنه لا يشقّ عليه.

قال القرطبي (٢): في قصة أبي إسرائيلَ هذا أعظم حجة للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاعة فيه.

قال مالك: لم أسمع أن رسول الله أمره بكفارة.

قوله: (ليس على الرجل نذر فيما لا يملك) فيه دليل: على أن من نذر بما لا يملك لا ينفذ نذره؛ وكذلك من نذر بمعصية كما في بقية أحاديث الباب.

واختلف في النذر بمعصية هل تجب فيه الكفارة أم لا؟ فقال الجمهور (٣): لا.

وعن أحمد (٤) والثوري (٥) وإسحاق وبعض الشافعية (٦) والحنفية (٧): نعم.

ونقل الترمذي (٨) اختلاف الصحابة في ذلك، واتفقوا على تحريم النذر في المعصية، واختلافهم إنما هو في وجوب الكفارة.

واحتجّ من أوجبها بحديث عائشة (٩) المذكور في الباب وما ورد في معناه.


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٢) في "المفهم" (٤/ ٦٢١).
(٣) المجموع شرح المهذب (٨/ ٤٣٧).
(٤) المغني (١٣/ ٦٢٢، ٦٢٦).
(٥) موسوعة فقه سفيان الثوري ص ٧٧٢.
والإشراف لابن المنذر (١/ ٤٧٨).
(٦) قال النووي في المجموع شرح المهذب (٨/ ٤٣٧): "قال إمام الحرمين: وفروض الكفاية التي يحتاج في أدائها إلى بذل مال أو مقاساة مشقة تلزم بالنذر. قال الرافعي: ويجيء مما سنذكره في السنن الراتبة إن شاء الله تعالى وجه أنها لا تلزم. قال القفال: لا يلزم الجهاد بالنذر، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما ليس فيه بذل مال ولا مقاساة مشقة، ففيه وجهان: (أصحهما): لزومها بالنذر، و (الثاني): لا.
(٧) "بدائع الصنائع" (٥/ ٨٢).
(٨) في السنن (٤/ ١٠٤).
(٩) تقدم برقم (٣٨٥١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>