للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي (١): اختلف العلماء في المراد بهذا الحديث فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، فهو مخير يبن الوفاء بالنذر، أو الكفارة.

وحمله مالك (٢)، وكثيرون، أو الأكثرون على النذر المطلق كقوله: عليّ نذر.

وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم، وبين كفارة اليمين. انتهى.

والظاهر: اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسمَّ، لأن حمل المطلق على المقيد واجب.

وأما النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة؛ ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها؛ سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال، وإن كانت معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد، ولا يلزم فيها الكفارة، وإن كانت مباحة مقدورة فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة لوقوع الأمر بها في أحاديث الباب في قصة الناذرة بالمشي، وإن كانت غير مقدورة ففيها الكفارة لعموم: "ومن نذر نذرًا لم يطقه … "، هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة.

وقال ابن رشد في "نهاية المجتهد" (٣) ما حاصله: إنه وقع الاتفاق على لزوم النذر بالمال إذا كان في سبيل البرّ، وكان على جهة الخير، وإن كان على جهة الشرّ فقال مالك (٤): يلزم كالخير ولا كفارة يمين في ذلك إلا أنه إذا نذر بجميع ماله لزمه ثلث ماله إذا كان مطلقًا، وإن كان معينًا لزمه، وإن كان جميع ماله أو أكثر من الثلث، وسيأتي الخلاف فيمن نذر بجميع ماله.

قال (٥): وإذا كان النذر مطلقًا؛ أي: غير مسمَّى ففيه الكفارة عند كثيرٍ من العلماء.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ١٠٤).
(٢) مدونة "الفقه المالكي وأدلته" (٢/ ٣٨٧).
(٣) في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" له (٢/ ٤٢٥) بتحقيقي.
(٤) في المرجع المتقدم (٢/ ٤٢٥).
(٥) أي ابن رشد في المرجع السابق (٢/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>