للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعلّ الجمع ما هنا وما هناك أن المكان لا يتعين حتمًا، بل يجوز فعل المنذور به في غيره، فيكون ما هنا بيانًا للجواز.

ويمكن الجمع بأنه يتعين مكان النذر إذا كان مساويًا للمكان الذي فيه الناذر أو أفضل منه، لا إذا كان المكان الذي فيه الناذر فوقه في الفضيلة، ويشعر بهذا ما في حديث ميمونة (١) من تعليل ما أفتت به ببيان أفضلية المكان الذي فيه الناذرة في الشيء المنذور به وهو الصلاة.

قوله: (إلا المسجد الحرام) هذا فيه دليل: على أفضلية الصلاة في مسجده على غيره من المساجد إلا المسجد الحرام فإنه استثناه فاقتضى ذلك أنه ليس بمفضول بالنسبة إلى مسجده .

ويمكن أن يكون مساويًا أو أفضل، وسائر الأحاديث دلت على أنه أفضل باعتبار الصلاة فيه بذلك المقدار.

قوله: (لا تشدّ الرحال … إلخ) فيه دليل: على أنه يتعين مكان النذر إذا كان أحد الثلاثة المذكورة.

وقد ذهب إلى ذلك مالك (٢) والشافعي (٣).

وقال أبو حنيفة (٤): لا يلزم وله أن يصلي في أيّ محلّ شاء، وإنما يجب عنده المشي إلى المسجد الحرام إذا كان بحجّ أو عمرة، وما عدا الأمكنة الثلاثة فلا يتعين مكانًا للنذر ولا يجب الوفاء عند الجمهور (٥).

وقد تمسك بهذا الحديث من منع السفر وشدّ الرحل إلى غيرها من غير فرق بين جميع البقاع، وقد وقع لحفيد المصنف في ذلك وقائع بينه وبين أهل عصره لا يتسع المقام لبسطها.


(١) تقدم برقم (٣٨٦٨) من كتابنا هذا.
(٢) التهذيب في اختصار المدونة (٢/ ٨٥) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٢/ ٣٩٢).
(٣) البيان للعمراني (٤/ ٤٩٨).
(٤) المبسوط للسرخسي (٨/ ١٣٨) وحاشية ابن عابدين (٥/ ٤١٣).
(٥) الفتح (١١/ ٥٨٥) والمغني (١٣/ ٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>