للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن العربي في شرح الترمذي (١): "تفسير غلط أبي إسحاق هو أن هذا الحديث رواه أبو إسحاق مختصرًا واقتطعه من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه. ونص الحديث الطويل ما رواه أبو غسان (٢) قال: "أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخًا وصديقًا فقلت: يا أبا عمر حدثني ما حدثتك عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول الله ، "فقال: قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول وثب وربما قالت: قام فأفاض عليه الماء وما قالت: اغتسل وأنا أعلم ما تريد، وإن نام جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة". فهذا الحديث الطويل فيه: "وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة"، فهذا يدلك على أن قوله: "ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء" يحتمل أحد وجهين: إما أن يريد حاجة الإِنسان من البول والغائط فيقضيهما ثم يستنجي ولا يمس ماء وينام، فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث، ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء.

وبقوله: "ثم ينام ولا يمس ماء" يعني ماء الاغتسال، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة حاجة الوطء فنقل الحديث على معنى ما فهمه"، انتهى.

والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم أو المعاودة وقد تقدم في الباب الأول (٣) أنه غير صالح للاستدلال به على ذلك لوجوه ذكرناها هنالك. قال المصنف (٤) رحمه الله تعالى: "وهذا لا يناقض ما


(١) في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٨١ - ١٨٢).
(٢) صوابه: ما رواه أبو غسّان قال: حدثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: أتيت … " الحديث.
• وأبو غسان هو مالك بن إسماعيل النَّهدي: ثقة متقن صحيح الكتاب، عابدٌ … " "التقريب" رقم (٦٣٢٤).
(٣) الباب الخامس: باب تأكيد ذلك للجنب واستحباب الوضوء له لأجل الأكل والشرب والمعاودة. رقم الحديث [(١٦/ ٢٧٩) إلى (٢٠/ ٢٨٣)].
(٤) ابن تيمية الجد في "المنتقى" (١/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>