للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَللبُخارِيِّ (١) فِي رِوَايَةٍ قالَ: خاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا. وَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: فاسْتَوْعَى رَسُول الله حِينَئِذٍ للزُّبَيْرِ حَقَّهُ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ قَدْ أشارَ على الزُّبَيْرِ بِرأيٍ فِيهِ سَعَةٌ لَهُ وَلِلأنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أحْفَظَ الأنْصَارِيُّ رَسُولَ الله اسْتَوْعَى للزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ. قالَ عُرْوَةُ: قالَ الزُّبَيْرُ: فَوَالله ما أحْسِبُ هَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ إلَّا فِي ذلكَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ [لَا يُؤْمِنُونَ] (٢)﴾ الآية (٣). رَوَاهُ أحْمَدُ (٤) كَذَلِكَ لَكِنْ قالَ: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أن الزُّبير كانَ يُحَدّثُ أنَّهُ خاصَمَ رَجُلًا … وَذَكَرَهُ، جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِهِ.

وَزَادَ البُخارِيُّ (٥) فِي رِوَايَةٍ: قالَ ابْنُ شِهابٍ: فَقَدَّرَتِ الأنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ رَسُولِ الله : "اسْقِ يا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حتَّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ"، فَكَانَ ذلكَ إلى الكَعْبَيْنِ.

وفِي الخَبرِ مِنَ الفِقْهِ: جَوَازُ الشَّفاعَةِ للْخَصْمِ وَالعَفْوِ عَنِ التَّعْزِيرِ).

قوله: (لا يقضينّ … إلخ) قال المهلب (٦): سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحقّ فمنع، وبذلك قال فقهاء الأمصار. وقال ابن دقيق العيد (٧): النهي عن الحكم حالة الغضب، لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه.

قال (٨): وعدَّاه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغير الفكر كالجوع والعطش المفرطين، وغلبة النعاس وسائر ما يتعلق به القلب تعلقًا يشغله عن استيفاء النظر، وهو قياس مظنة على مظنة، وكأنَّ الحكمة في الاقتصار على ذكر الغضب لاستيلائه على النفس وصعوبة مقاومته بخلاف غيره.


(١) في صحيحه رقم (٢٧٠٨).
(٢) زيادة من المخطوط (ب).
(٣) سورة النساء، الآية: (٦٥).
(٤) في المسند (١/ ١٦٥ - ١٦٦) بسند صحيح.
(٥) في صحيحه رقم (٢٣٦٢).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٣٧).
(٧) في "إحكام الأحكام" له (ص ٩١٦).
(٨) أي ابن دقيق العيد في المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>