للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أخرج البيهقي (١) بسند ضعيف عن أبي سعيد رفعه: "لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان، ريان" انتهى.

وسبب ضعفه أن في إسناده القاسم العمري وهو متهم بالوضع.

وظاهر النهي التحريم ولا موجب لصرفه عن معناه الحقيقيِّ إلى الكراهة؛ فلو خالف الحاكم فحكم في حال الغضب: فذهب الجمهور (٢) إلى أنَّه يصحُّ إن صادف الحقَّ، لأنه قضى للزبير بعد أن أغضبه، كما في حديث الباب، فكأنهم جعلوا ذلك قرينة صارفة للنهي إلى الكراهة.

ولا يخفى أنَّه لا يصحُّ إلحاق غيره به في مثل ذلك، لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضاه وغضبه بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطأ، ولهذا ذهب بعض الحنابلة: إلى أنه لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهي عنه.

والنهي يقتضي الفساد (٣). وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم، فلا يؤثر وإلا فهو محل الخلاف.

قال الحافظ ابن حجر (٤): وهو تفصيل معتبر.

وقيد إمام الحرمين، والبغوي، الكراهة بما إذا كان الغضب لغير الله، واستغرب الروياني (٥) هذا واستبعده غيره لمخالفته لظاهر الحديث، وللمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم حال الغضب.

وذكر ابن المنير (٦): أن الجمع بين حديثي الباب: بأن يجعل الجواز خاصًّا بالنبيّ لوجود العصمة في حقه والأمن من التعدّي، أو أن غضبه إنما كان للحق فمن كان في مثل حاله جاز وإلا منع.

وقد تُعقِّب القول بالتحريم، وعدم انعقاد الحكم: بأنَّ النهي الذي يفيد فساد المنهي عنه هو ما كان لذات المنهي عنه، أو لجزئه أو لوصفه الملازم له، لا


(١) في السنن الكبرى (١٠/ ١٠٥ - ١٠٦) بسند ضعيف.
(٢) "الفتح" (١٣/ ١٣٨).
(٣) إرشاد الفحول ص ٣٨٦ بتحقيقي والبحر المحيط (٢/ ٤٣٩ - ٤٤٠).
(٤) الفتح (١٣/ ١٣٨).
(٥) في "بحر المذهب" له (١٠/ ١٥١).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>