للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذا الثاني.

والجواب عن الثالث: أن الخطأ الذي لا يقرُّ عليه هو الحكم الذي صدر عن اجتهاده فيما لم يوح إليه، فليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحكم الصادر منه عن شهادة زور، أو يمين فاجرة، فلا يسمى خطأ للاتفاق على العمل بالشهادة، وبالأيمان، وإلا لكان الكثير من الأحكام يسمى خطأ، وليس كذلك لما في حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم" (١)، فيحكم بإسلام من تلفظ بالشهادتين ولو كان في نفس الأمر يعتقد خلاف ذلك.

ولما في حديث المتلاعنين حيث قال: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" فإنه لو كان خطأ لم يترك استدراكه والعمل بما عرفه.

وكذلك حديث: "إني لم أومر بالتنقيب عن قلوب الناس" (٢)، فالحجة من حديث الباب شاملة للأموال والعقود والفسوخ.

وقد حكى الشافعي (٣) الإجماع على أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام.

قال النووي (٤): والقول بأن حكم الحاكم يحلل ظاهرًا وباطنًا مخالف لهذا الحديث الصحيح وللإجماع المذكور ولقاعدة أجمع عليها العلماء ووافقهم القائل المذكور، وهي أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال، وفي المقام مقاولات ومطاولات، ومع وضوح الصواب لا فائدة في الإطناب.

وقد استدلّ المصنف [تعالى] (٥) بالحديث على أن الحاكم لا يحكم بعلمه.


(١) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٣٩٤) والبخاري رقم (٢٥) ومسلم رقم (٣٦/ ٢٢).
وهو حديث صحيح.
تقدم تخريجه مع طرقه في كتابنا هذا.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤) والبخاري رقم (٤٣٥١) ومسلم رقم (١٤٤/ ١٠٦٤).
وهو حديث صحيح.
(٣) انظر: الأم (٧/ ٤٩٣).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (١٢/ ٦).
(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>