للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف أهل العلم في جواز القضاء من الحاكم بعلمه؛ فروى البخاريُّ (١) عن عبد الرحمن بن عوف مثل ما ذكره المصنف عن أبي بكر.

واستدلّ البخاري (٢) أيضًا على أنه لا يحكم الحاكم بعلمه بما قاله عمر: "لولا أن يقول الناس: زاد عمر آية في كتاب الله، لكتبت آية الرجم".

قال المهلب (٣): وأفصح بالعلة في ذلك بقوله: "لولا أن يقول الناس … " إلخ، فأشار إلى أن ذلك من قطع الذرائع لئلا يجد حكام السوء السبيل إلى أن يدّعوا العلم لمن أحبوا له الحكم بشيء.

قال البخاري (٤): وقال أهل الحجاز: الحاكم لا يقضي بعلمه سواء علم بذلك في ولايته أو قبلها.

قال الكرابيسي (٥): لا يقضي القاضي بما علم لوجود التهمة، إذ لا يؤمن على التقيّ أن تتطرّق إليه التهمة.

قال: ويلزم من أجاز للقاضي أن يقضي بعلمه مطلقًا: أنه لو عمد إلى رجلٍ مستورٍ لم يعهد منه فجورٌ قط أن يرجمه ويدعي: أنه رآه يزني، أو يفرّق بينه وبين زوجته ويزعم أنه سمعه يطلقها، أو بينه وبين أمته، ويزعم أنه سمعه يعتقها.

فإنَّ هذا الباب لو فُتح لوجد كل قاضٍ السبيل إلى قتل عدوِّه وتفسيقه، والتفريق بينه وبين من يحبّ؛ ومن ثم قال الشافعي (٦): لولا قضاة السوء لقلت: إن للحاكم أن يحكم بعلمه.


= والصواب (زُيَيْدِ) كما في "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين (٤/ ٢٧٠) والإكمال لابن ماكولا (٤/ ١٧١) وطبقات ابن سعد (٥/ ١٣).
تنبيه: في كل طبعات "نيل الأوطار" تحرف (زُبَيْدِ) إلى (زيد) فليعلم.
(١) في صحيحه (١٣/ ١٥٨ رقم الباب (٢١) - مع الفتح) معلقًا.
(٢) في صحيحه (١٣/ ١٥٨ رقم الباب (٢١) - مع الفتح) معلقًا.
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٥٩).
(٤) في صحيحه (١٣/ ١٥٨ ضمن الحديث ٧١٧٠) وقال الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٦٠): هو قول مالك.
(٥) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٦٠).
(٦) البيان للعمراني (١٣/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>