للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجوا بالإجماع على ردّ شهادة الفاسق، والكافر شرّ من الفاسق.

وأجاب الأوّلون أنَّ النسخ لا يثبت بالاحتمال، وأن الجمع بين الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وبأن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن، وأنها محكمة كما تقدم.

وأخرج الطبري (١) عن ابن عباس بإسناد رجاله ثقات أن الآية نزلت فيمن مات مسافرًا وليس عنده أحد من المسلمين، وأنكر أحمد (٢) على من قال: إن هذه الآية منسوخة.

وقد صحّ عن أبي موسى الأشعري أنه عمل بذلك كما في حديث الباب.

وذهب الكرابيسي (٣) والطبري (٤) وآخرون إلى أن المراد بالشهادة في الآية اليمين.

قالوا: وقد سمى الله اليمين شهادة في آية اللعان وأيدوا ذلك بالإجماع على أن الشاهد لا يلزمه أن يقول: أشهد بالله، وأن الشاهد لا يمين عليه أنه شهد بالحقّ قالوا: فالمراد بالشهادة اليمين لقوله: ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾ (٥) أي: يحلفان، فإن عرف أنهما حلفا على الإثم رجعت اليمين على الأولياء.

وتعقب بأنَّ اليمين لا يشترط فيها عدد ولا عدالة، بخلاف الشهادة.

وقد اشترط في القصة، فقوي حملها على أنها شهادة.

وأما اعتلال من اعتلَّ في ردَّها بأنَّ الآية تخالف القياس والأصول؛ لما فيها من قبول شهادة الكافر، وحبس الشاهد وتحليفه، وشهادة المدعي لنفسه، واستحقاقه بمجرّد اليمين.

فقد أجاب من قال به بأنَّه حكم بنفسه مستغن عن نظيره، وقد قبلت شهادة الكافر في بعض المواضع كما في الطبِّ، وليس المراد بالحبس السجن، وإنما المراد الإمساك لليمين ليحلف بعد الصلاة.


(١) في "جامع البيان" (٩/ ٩٤).
(٢) المغني (١٤/ ١٧٢).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ٤١٣).
(٤) في "جامع البيان" (٩/ ٩٤).
(٥) سورة المائدة، الآية: (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>