للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث الباب فإن سياقه مطابق لظاهر الآية.

وقيل: المراد بالغير غير العشيرة، والمعنى ﴿مِنْكُمْ﴾: أي من عشيرتكم ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ (١) أي: من غير عشيرتكم، وهو قول الحسن البصري (٢).

واستدلّ له النحاس (٣) بأن لفظ آخر لا بدّ أن يشارك الذي قبله في الصفة حتى لا يسوغ أن يقول: مررت برجل كريم ولئيم آخر، فعلى هذا فقد وصف الاثنان بالعدالة فتعين أن يكون الآخران كذلك.

وتعقب بأن هذا وإن ساغ في الآية لكن الحديث دلّ على خلاف ذلك، والصحابي إذا حكى سبب النزول كان ذلك في حكم الحديث المرفوع.

قال في الفتح (٤): اتفاقًا.

وأيضًا ففيما قال ردّ المختلف فيه بالمختلف فيه؛ لأن اتصاف الكافر بالعدالة مختلف فيه وهو فرع قبول شهادته، فمن قبلها وصفه بها ومن لا فلا.

واعترض أبو حيان على المثال الذي ذكره النحاس (٥) بأنه غير مطابق. فلو قلت: جاءني رجل مسلم وآخر كافر صحّ، بخلاف ما لو قلت: جاءني رجل مسلم وكافر آخر. والآية من قبيل الأوّل لا الثاني، لأن قوله: ﴿آخَرَانِ﴾ من جنس قوله: اثنان، لأن كلًّا منهما صفة رجلان، فكأنه قال: فرجلان اثنان ورجلان آخران.

وذهب جماعة من الأئمة (٦) إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ (٧).


(١) سورة المائدة، الآية: (١٠٦).
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (٩/ ٦٧ - ٦٨).
(٣) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢/ ٣١٣).
(٤) في "الفتح" (٥/ ٤١٢).
(٥) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢/ ٣١٣) والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (ص ٢٧٥ - ٢٧٧).
(٦) الفتح (٥/ ٤١٢).
(٧) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>