للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد البرّ (١) حديث زيد بن خالد لكونه من رواية أهل المدينة، فقدمه على حديث عمران لكونه من رواية أهل العراق، وبالغ فزعم أن حديث عمران المذكور لا أصل له.

وجنح غيره إلى ترجيح حديث عمران لاتفاق صاحبي الصحيح عليه، وانفراد مسلم [بحديث] (٢) زيد.

وذهب آخرون إلى الجمع؛ فمنهم من قال: إن المراد بحديث زيد من عنده شهادة لإنسان بحقّ لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها أو يموت صاحبها، [فيأتي] (٣) إلى ورثته فيعلمهم بذلك.

قال الحافظ (٤): وهذا أحسن الأجوبة. وبه أجاب يحيى بن سعيد شيخ مالك ومالك وغيرهما.

ثانيها: أن المراد بحديث زيد شهادة الحسبة، وهي ما لا يتعلق بحقوق الآدميين المختصة بهم محضًا، ويدخل في الحسبة مما يتعلق بحقّ الله أو فيه شائبة منه [العتاق] (٥)، والوقف، والوصية العامَّةُ، والعدَّةُ، والطلاقُ، والحدودُ، ونحو ذلك.

وحاصله: أنَّ المراد بحديث زيدٍ (٦): الشهادة في حقوق الله، وبحديث عمران (٧)، وأبي هريرة (٨) الشهادة في حقوق الآدميين.

(ثالثها): أنه محمول على المبالغة في الإجابة إلى الأداء فيكون لشدّة استعداده لها كالذي أدّاها قبل أن يسئلها، وهذه الأجوبة مبنية على أن الأصل في أداء الشهادة عند الحاكم: أنَّه لا يكون إلا بعد الطلب من صاحب


(١) في "التمهيد" (١٣/ ٣٨ - الفاروق) حيث قال: "هذا حديث كوفي لا أصل له. ولو صح لكان معناه كمعنى حديث ابن مسعود على ما فسّره إبراهيم النخعي فقيه الكوفة".
(٢) في المخطوط (ب): بإخراج حديث.
(٣) في المخطوط (ب): (العالم بها ويخلف ورثة فيأتي الشاهد).
(٤) في "الفتح" (٥/ ٢٦٠).
(٥) في المخطوط (ب): (كالعتاق).
(٦) تقدم برقم (٣٩٢٣) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٣٩٢٤) من كتابنا هذا.
(٨) تقدم برقم (٣٩٢٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>