للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يكره السجن بمكة ويقول: لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمة.

وأورد البخاري (١) في الرد عليه أن نافع بن عبد الحارث اشترى دارًا للسجن بمكة وكان نافع عاملًا لعمر على مكة.

وأخرج عمر بن شبة في كتاب مكة عن محمد بن يحيى بن غسان الكناني عن هشام بن سليمان عن ابن جريج أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي كان عاملًا لعمر على مكة فابتاع دار السجن من صفوان فذكر نحو ما ذكره البخاري، وزاد في آخره: وهو الذي يقال له: سجن عارم بمهملتين (٢).

قال البخاري (٣): وسجن ابن الزبير بمكة. انتهى.

والحاصل: أنَّ الحبس وقع في زمن النبوّة، وفي أيام الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم إلى الآن في جميع الأعصار والأمصار من دون إنكار.

وفيه من المصالح ما لا يخفى، لو لم يكن منها إلا حفظ أهل الجرائم المنتهكين للمحارم؛ الذين يسعون في الإضرار بالمسلمين، ويعتادون ذلك ويعرف من أخلاقهم ولم يرتكبوا ما يوجب حدًّا ولا قصاصًا حتى يقام عليهم فيراح منهم العباد والبلاد، فهؤلاء إن تركوا وخلي بينهم وبين المسلمين بلغوا من الإضرار بهم إلى كل غاية، وإن قتلوا كان سفك دمائهم بدون حقها، فلم يبق إلا حفظهم في السجن والحيلولة بينهم وبين الناس بذلك حتى تصحّ منهم التوبة أو يقضي الله في شأنهم ما يختاره.

وقد أمرنا الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بهما في حقّ من كان كذلك لا يمكن بدون الحيلولة بينه وبين الناس بالحبس، كما يعرف ذلك من عرف أحوال كثير من هذا الجنس.

وقد استدلّ البخاري (٤) على جواز الربط بما وقع منه من ربط ثمامة بن


(١) في صحيحه (٥/ ٧٥) معلقًا.
(٢) الفتح (٥/ ٧٦).
(٣) في صحيحه (٥/ ٧٥) معلقًا.
(٤) في صحيحه رقم (٤٣٧٢).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (٥٩/ ١٧٦٤) وأبو داود رقم (٢٦٧٩). وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>