للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحافظ في الفتح (١) إسناده، وقال: له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو، أخرجه ابن أبي حاتم (٢) بإسناد حسن.

قوله: (وإن كان قضيبًا من أراك) هذا مبالغة في القلة، وأنَّ استحقاق النار يكون بمجرّد اليمين في اقتطاع الحقّ وإن كان شيئًا يسيرًا لا قيمة له.

قوله: (الكبائر … إلخ) قد اختلف السلف في انقسام الذنوب إلى صغيرة وكبيرة، فذهب إلى ذلك الجمهور (٣) ومنعه جماعة منهم الإسفراييني (٤)، ونقله عن ابن عباس وحكاه القاضي عياض (٥) عن المحققين، ونسبه ابن بطال (٦) إلى الأشعرية، وقد تقدم قريبًا وجه القولين وبيان الراجح منهما.

قال الطيبي (٧): الكبيرة والصغيرة أمران نسبيان، فلا بدّ من أمر يضافان إليه، وهو أحد ثلاثة أشياء: الطاعة، والمعصية، والثواب.

فأمّا الطاعة فكل ما تكفره الصلاة مثلًا، فهو من الصغائر.

وأما المعصية فكل معصية يستحقّ فاعلها بسببها وعيدًا أو عقابًا أزيد من الوعيد أو العقاب المستحقّ بسبب معصية أخرى فهي كبيرة.

وأما الثواب ففاعل المعصية إن كان من المقرّبين فالصغيرة بالنسبة إليه كبيرة، فقد وقعت المعاتبة في حقّ بعض الأنبياء على أمور لم تعدّ من غيرهم معصية. انتهى.

قال الحافظ (٨): وكلامه فيما يتعلق بالوعيد والعقاب تخصيص عموم من أطلق أن علامة الكبيرة ورود الوعيد أو العقاب في حقّ فاعلها، لكن يلزم منه أن مطلق قتل النفس مثلًا ليس كبيرة وإن ورد الوعيد فيه والعقاب، لكن ورود الوعيد والعقاب في حقّ قاتل ولده أشدّ.


(١) في "الفتح" (١٠/ ٤١١).
(٢) في تفسيره (٣/ ٩٣٠ رقم ٥١٩٧).
(٣) الفتح (١٠/ ٤٠٩).
(٤) كما في "الفتح" (١٠/ ٤٠٩).
(٥) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (١/ ٣٥٥).
(٦) في شرحه لصحيح البخاري (١/ ١٩٨).
(٧) في شرحه على المشكاة (١/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٨) في "الفتح" (١٠/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>