للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالصواب ما قاله الجمهور، وأنَّ المثال المذكور وما أشبهه ينقسم إلى كبير وأكبر.

قال النووي (١): واختلفوا في ضبط الكبيرة اختلافًا كثيرًا منتشرًا؛ فروي عن ابن عباس (٢) أنها كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.

قال: وجاء نحو هذا عن الحسن البصري (٢).

وقال آخرون (٣): هي ما أوعد الله عليه بنار في الآخرة أو أوجب فيه جزاء في الدنيا. قلت: وممن نصّ على هذا الأخير الإمام أحمد فيما نقله القاضي أبو يعلى.

ومن الشافعية الماوردي (٤) ولفظه: الكبيرة ما أوجبت فيها الحدود أو توجه إليه الوعيد، والمنقول عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم (٥) بسند لا بأس به إلا أن فيه انقطاعًا.

وأخرج (٦) من وجه آخر متصل لا بأس برجاله أيضًا عن ابن عباس قال: ما توعد الله عليه بالنار كبيرة.

وقد ضبط كثير من الشافعية الكبائر بضوابط أخر: منها قول إمام الحرمين (٧): كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة.

وقال الحليمي (٨): كل محرّم لعينه منهيّ عنه لمعنى في نفسه.

وقال الرافعي (٩): هي ما أوجب الحدّ، وقيل: ما يلحق الوعيد بصاحبه بنصّ كتاب أو سنّة، هذا أكثر ما يوجد للأصحاب وهم إلى ترجيح الأول أميل، لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر. انتهى.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ٨٥).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٣٤ رقم ٥٢١٥).
(٣) ذكره القرطبي في "المفهم" (١/ ٢٨٣) وردّ عليه (١/ ٢٨٤).
(٤) في الحاوي (١٧/ ١٤٩).
(٥) في تفسيره (٣/ ٩٣٤ رقم ٥٢١٦).
(٦) ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٣٤ رقم ٥٢١٥) وقد تقدم.
(٧) في كتابه: "الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد" ص ٣٢٩.
(٨) كما في "الفتح" (١٠/ ٤١٠).
(٩) في الشرح الكبير (١٣/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>